الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في نسخ القرآن بالسنة القولية]

صفحة 35 - الجزء 2

  قلنا: مسلم إلا أن يكون المنسوخ مما ذكرناه من المتواتر؛ ولئن سلمنا فلحصول العلم بتلك الآحاد بقرينة الحال لما ذكرنا من عدم مقابلة المظنون بالقاطع، (فأمَّا تخصيصه) أي المتواتر (به) أي بالآحاد (فجائز كما تقدم) تحقيقه.

(فصل): [في نسخ القرآن بالسنة القولية]

  (ويجوز نسخ القرآن بالمتواتر) من السنة (عند أكثر أئمتنا)، كأبي طالب، والمتوكل، والمنصور بالله، والشيخ أبي جعفر، والبستي، والإمام المهدي، والإمام الحسن، وغيرهم من علماء الزيدية، (خلافاً للقاسم، وابنه محمد، والناصر، وابن حنبل)، قال القاسم #: القرآن حاكم على السنة، ورئيس الشيء يحكم عليه، وكذلك عن ابن حنبل مثله، قال الحازمي: حدثنا السجستاني قال: سمعت أحمد بن حنبل حين سئل عن حديث السنة قاضية على الكتاب فقال: لا أجتري أن أقول فيه ولكن السنة تبين القرآن، ولا ينسخ القرآن إلا القرآن، وكذلك محمد بن القاسم ذلك نص له، وحكى هذا عن الناصر في رواية الإبانة، (وكذا) قال (الهادي #) أرسل هذا عنه عبد الله بن زيد، (والشافعي) وهذا عنهما (في رواية) قال صاحب الجوهرة: وهي عن الهادي مغمورة.

  (واختلف مانعوه فقيل) يمتنع (عقلاً، وقيل) يمتنع (سمعاً).

  لنا على الجواز: ما تقدم من كونهما جميعاً حجة، فجاز نسخ أحدهما بالآخر، قيل: وتحقيق ذلك أن السنة إذا جاءت بخلاف ما في الكتاب فلا يخلو: إمَّا أن يعمل بهما أو يطرحا أو يعمل بأحدهما فقط، لا يصح الأول؛ لما هناك من التنافي، ولا الثاني؛ لأنه طرح لكلام الحكيم مع إمكان استعماله ولا العمل بالكتاب مع تقدمه بعد ورود ما ينافيه فليس إلاَّ أن يعمل على السنة المتأخرة.

  قالوا: أولاً: قال تعالى {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا}⁣[البقرة: ١٠٦]، والضمير لله تعالى، فيجب أن لا ينسخ إلا بما أتى به وهوَ القرآن.

  قلنا: يصح ذلك وإن كان النسخ بالسنة؛ لأن القرآن والسنة جميعاً من عنده، قال تعالى {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ٣ إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ٤}⁣[النجم].

  قالوا: ثانياً: قال تعالى {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي}⁣[يونس: ١٥]، وهذا يدل على أن القرآن لا ينسخ السنة.