الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل [في الطرق الصحيحة لمعرفة الناسخ من المنسوخ]

صفحة 57 - الجزء 2

  قلت: ولا خفاء أن كلامه هنا لا يستقيم للاتفاق على أن النقص نسخ للمنقوص، وإذا ثبت ذلك فالمنقوص منه إذا كان قطعياً لا يقبل فيه هذا الوارد سواء جعلناه نسخاً للمنقوص منه أو لا، فليتأمل⁣(⁣١).

فصل [في الطرق الصحيحة لمعرفة الناسخ من المنسوخ]

  والنسخ خلاف الأصل كما تقدم بيانه في أول الكتاب، (وإنما يصار إلى النسخ عند تعذر الجمع)، فأما إذا أمكن فهو الواجب.

  واعلم أن لتعيين الناسخ ومعرفته من المنسوخ ومما ليس بناسخ ولا منسوخ طرقاً صحيحة وطرقاً فاسدة:

  أما القسم الأول: فقد أشار إليه بقوله:

  (ويتعين الناسخ) للشيء:

  (بعلم تأخره) عنه.

  (أو بإجماع الأمة أو العترة) على أن هذا ناسخ وهذا منسوخ.

  فإن قيل: قد مر أن الإجماع لا ينسخ.

  قلنا: نعم، وليس هو الناسخ، إنما هو طريق على أنهم قد أطلقوا على الناسخ.

  (أو بقول الشارع هذا ناسخ) وهذا منسوخ، (أو) بقول الشارع، (ما في معناه)، أي ما في معنى هذا ناسخ (مما يشعر به)، أي بالنسخ (كنصه على نقيض حكم الأول، نحو) ما رواه مسلم عن النبي ÷ «كنت نهيتكم عن زيارة القبور» وتمام الخبر «ألا فزوروها، وكنت نهيتكم عن ادخار لحوم الأضاحي ألا فادخروها، إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه، ألا لا وصية لوارث»، وكذا قوله تعالى {الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَعَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفًا}⁣[الأنفال: ٦٦]، (أو نصه على ضده) أي الحكم الأول (كتحويل القبلة) إلى الكعبة، فإنَّه يعلم أنه نسخ التوجه إلى بيت المقدس، لأن التوجه إلى الكعبة ضد التوجه إلى بيت المقدس.


(١) يستقيم حيث كان المنسوخ شرطاً متصلاً أو منفصلاً، وهو ظني، والمشروط فيه قطعي، فتأمل. تمت.