[الإختلاف في وقوعه والعلم به ونقله]
  وقال الجويني: لا أثر للإجماع في العقليات، فإن المتبع فيها الأدلة القاطعة فإذا انتصبت لم يعارضها شقاق ولم يعضدها وفاق، وهو الصحيح، أو دنيوياً كالآراء والحروب، وتدبير أمور الرعية، وفي هذا خلاف القاضي عبد الجبار في أحد قوليه.
  ويمكن اعتراض هذا الحد: بأن المحدود إنما هو الإجماع الإصطلاحي المتناول لقول المجتهد الواحد إذا لم يكن في العصر غيره، فإن المحققين صرحوا بكونه حجة، ويعتبر المصنف بالاتفاق بنفيه، فإن الاتفاق إنما يكون من اثنين فصاعداً.
  ثم إنه قد اختلف في أنه هل يشترط في انعقاده حجة انقراض عصر المجمعين أولا؟
  ولذلك قال المصنف: (ومن يرى) اشتراط (انقراض العصر) لا يكفي عنده الاتفاق في عصر بل يجب استمراره ما بقي من المجمعين أحد، فحينئذ (يزيد) في الحد (إلى انقراض العصر) ليخرج اتفاقهم إذا رجع بعضهم، إذ ليس بدليل شرعي حينئذ.
  وأيضاً فقد اختلف في أنه هل يجوز حصول الإجماع بعد خلاف مستقر من حي أو ميت أو لا؟ فإن جاز فهل ينعقد أو لا؟
  فمن قال: لا يجوز، أو قال يجوز وينعقد، فلا يحتاج إلى إخراجه عن الحد.
  (ومن يرى أنه لا ينعقد مع سبق خلاف مستقر، وجواز اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول) فلا بد أن يخرجه عن الحد، بأن (يزيد) فيه (لم يسبقه خلاف) مجتهد (مستقر)، وهو الذي قد عمل به وأفتى، ليخرج الإجماع المسبوق بذلك، وسيتضح لك هذا زيادة وضوح عند وقوفك على هذه المسائل إن شاء الله تعالى.
  (و) الإجماع (الخاص): هو (إجماع العترة)، وهو أي الإجماع الخاص: (اتفاق المجتهدين المؤمنين من العترة كذلك)، أي في زمن ما على أمر ما، والاحتراز بالقيود هنا كالاحتراز هناك.
  (والإجماع ممكن عقلاً) أي يقضي العقل بعدم استحالته وتصور وقوعه في الذهن (من الصحابة وغيرهم) من سائر المجتهدين اتفاقاً.
[الإختلاف في وقوعه والعلم به ونقله]
  واعلم أنه يجب على القائل بحجية الإجماع النظر في وقوعه، وفي العلم به، وفي نقله، وفي حجيته:
  المقام الأول: النظر في ثبوته، وقد أشار إلى المخالفين فيه بقوله: