فصل: [في الأمور التي ينعقد بها الإجماع والطرق الموصلة إليه]
فصل: [في الأمور التي ينعقد بها الإجماع والطرق الموصلة إليه]
  (وينعقدان) أي إجماع الأمة والعترة بأحد أمور:
  إما (بالقول) وهو يتنوع إلى الأمر والنهي وسائر أنواع الكلام، والمقول فيه إلى القبيح والحسن، والواجب والمباح، والصحيح والفاسد، ويجمعه أن اتفاقهم على أي قول وأي مقول يكون حقاً.
  (أو الفعل) كأن يفعلوا بإجماعهم، فعلاً واحداً، كأن يكبروا على الجنازة خمساً.
  (أو الترك) فيدل الترك على أن المتروك ليس بواجب؛ لأنه لو كان واجباً لكان تركه محظوراً، وفي ذلك إجماعهم على المحظور، وهذا كترك الأذان في صلاة العيد.
  (أو السكوت) نحو أن يقول واحد: صلاة الاستسقاء مشروعة بمحضر الجماعة، أو يفعل فعلاً، أو يترك تركاً لذلك، فإن سكوتهم (مع الرضى) بذلك القول أو الفعل أو الترك يكون إجماعاً، والرضى الإرادة، ولا يوقف عليها منهم إلاَّ بالنطق أو بمشاهدة الحال بأن لا ينكر مع ظهوره وعدم الحامل على السكوت، وكونه مما الحق فيه مع واحد، فإذا سكتوا مع هذه الشروط دل سكوتهم على صواب الكلام وحسن الفعل، وأن المتروك غير واجب.
  (أو بما أمكن تركيبه منها) أي من هذه الأربعة، فقد تجتمع في مسألة كأن يقول بعضٌ: هذا حسن، ويفعل بعضٌ ذلك، ويخبر بعضٌ عن أنفسهم بالرضا، وقد يكون القول من البعض في شيء واحد أنه واجب أومندوب أو مباح أو نحو ذلك والبعض الآخر على نحو ما سبق، فكل هذه الأمور دالة على انعقاد الإجماع وهو ظاهر.
  واعلم أنه إذا ألزمنا المصير إلى الإجماع فلا بد من أن يكون لنا طريق إلى العلم، ولا يخلو إما أن يكون الإجماع معلوماً بالعقل ضرورةً واستدلالاً، وإما معلوماً بالإدراك، ومعلوم أنا لا نعلم بأول العقل أن الأمة مجمعة على حكم من الأحكام، ولا باستدلال عقلي فعلياً.
  (والطريق الموصلة إليهما) أي الإجماعين (في حق الحاضرين: سماع القول) من أهل الإجماعين.
  (أو) الطريق إليهما (مشاهدة الفعل) نحو: أن تشاهد كل واحد منهم يفعل فعلاً يسيراً في الصلاة.
  (أو نحوهما) أي القول والمشاهدة، ولعل ذلك كأن يشاهد الأمة تاركين لصلاة العيد أو خطبته، فيعلم عدم وجوب ذلك، فهذا مشاهدة ترك لا فعل، وكأن يسمع قول بعض أهل الإجماع ويسكت الباقون مع الشروط الآتية.