الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في الإجماع السكوتي]

صفحة 81 - الجزء 2

  وأما الثاني: أعني قوله عليه الصلاة والسلام «نحن نحكم بالظاهر»، فلأنه خبر واحد بصيغة العموم، وقد أردتم إثبات أصل كان به وهو العمل بالإجماع المظنون وثبوته، والأصول لا تثبت بالظاهر لوجوب القطع في العمليات.

  قلنا: إن تمسكنا بالمسلك الأول فهو قاطع لأنه إثبات له بالطريق الأولى، وأنه قطعي، وإن تمسكنا بالثاني فلا شك أنه ظاهر فتنبني صحته على أنه هل يشترط القطع في الأصول أو لا؟ واشتراط القطع في الأصول ولا اشتراطه في محل التوقف؛ لأن أدلة الإثبات والنفي ضعيفة، ووجوه المنع والرفع قوية.

فصل: [في الإجماع السكوتي]

  (وإذا قال بعض) من أهل الإجماع (وسكت الباقون: فإن عُلم أن سكوتهم عن رضى) منهم بذلك القول بحيث يعلم من حالهم أنهم لو أفتوا أفتوا به، ويعرف رضاهم بذلك بعدم إنكارهم لذلك الحكم مع انتشاره فيهم حتى لم يخف على أحد منهم، وانتشاره فيهم لا يكفي حتى يعلم عدم موجب التقية، ولا يكفي انتشاره فيهم أو انتفاء التقية حتى تعلم أن هذه المسألة مما الحق فيه واحد، فإذا سكتوا - والحال ما ذكر - علم أنه سكوت رضا، وإذا حصل ذلك (فإجماع)، لأنه لو كان منكراً ولم ينكره لكانوا قد أجمعوا على ضلالة.

  (وإن لم يعلم) أن سكوتهم عن رضى، فلا يخلو المسكوت عنه: إما أن يكون علينا فيه تكليف أو لا؟.

  (فإن كان مما لا تكليف فيه علينا كالقول بأن عماراً أفضل من حذيفة فلا إجماع ولا حجة) لأنه يجوز أن يكون خطأ، ولا يلزم الباقين إنكاره؛ لأنه إنما يلزمهم إنكاره إذا علموا أنه منكر، وإذا لم يلزمهم النظر في كونه منكراً جاز أن لا ينظروا فيه ولا يعلموا أنه منكر، فلا يلزمهم إنكاره، وليس يمنع أن يتطابقوا على ترك ما لا يلزمهم إنكاره، ألا ترى أنهم لو سمعوا من يخبر بأن زيداً في الدار لم يلزمهم أن ينظروا هل أخبر عن زيد عن ثقة، أو على حسب ظنه، أو أخبر قطعاً، وهو لا يأمن كونه كاذباً، وإذا لم يلزمهم ذلك لم يجب الإنكار عليهم.

  (وإن كان مما فيه تكليف: فإن كان قطعياً وكان لسكوتهم محمل غير الرضى كإمامة الثلاثة) أبي بكر وعمر وعثمان، فإن لسكوت الساكتين محملاً غير الرضى، وهو التقية والخوف من