الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في اشتراط انقراض عصر المجمعين]

صفحة 85 - الجزء 2

فصل: [في اشتراط انقراض عصر المجمعين]

  قال (أئمتنا) $ (والجمهور: ولا يشترط في انعقاد الإجماع انقراض عصر المجمعين) بأن يموت جميع من هو من أهل الاجتهاد في وقت نزول الحادثة بعد اتفاقهم على حكم فيها.

  وصورة المسألة: أن يقع في عصر اتفاق الصحابة أو التابعين على بعض الفتاوى، فإنَّه متى وقع ولو لحظة واحدة انعقد وحرم مخالفته.

  (خلافاً لأحمد) بن حنبل، (و) أبي بكر (بن فورك، مطلقاً) أي سواء كان الإجماع بالقول أو بالسكوت أو مستنده قياس أو غيره، فقالا: لا يكون الإجماع حجة إلاَّ بعد انقراض العصر، فلو ظهر من أحدهم خلاف لم يكن حجة.

  (و) خلافاً (لأبي علي في) الإجماع (السكوتي) فقال: لا بد من انقراض العصر فيه.

  (و) خلافاً (للجويني فيما مسنده قياس) فاشترط انقراض العصر فيه.

  ثم اختلفوا في فائدة الاشتراط:

  فذهب الجمهور: إلى أن فائدته هو أن عسى أن يبلغ أشخاص آخرين في عصرهم رتبة الاجتهاد، فباعتبار موافقتهم ومخالفتهم تظهر حقيقة الإجماع وخلافه.

  وذهب أحمد وجماعة: إلى أن فائدته إنما هي تمكن المجمعين من الرجوع حتى لو انقرضوا مضربين كانت المسألة إجماعية لا عبرة فيها بمخالفة اللاحقين.

  لنا: أن الأدلة السمعية عامة تتناول ما انقرض عصره وما لم ينقرض حينئذ.

  ابن فورك قال: لو لم يشترط الانقراض لمنع المجتهدين عن الرجوع واللازم باطل، بيانه: أنه إذا تغير اجتهاد بعض المجمعين وقد انعقد الإجماع بالاجتهاد، فنحكم باجتهاده الأول، ولا يمكن من العمل باجتهاده الثاني لمخالفته الإجماع، وذلك ما ادعيناه.

  قلنا: لا نسلم بطلان اللازم مطلقاً بل عند عدم الإجماع، وأما منعه فالمنع عن الرجوع واجبٌ كما قيل رأيك في الإجماع أحب إلينا من رأيك وحدك.

  أبو علي قال: سكوته يمكن أن يكون للنظر في حكم تلك الحادثة، فإذا مات عليه علمنا أن سكوته حينئذ كان رضاً.