فصل: [في اعتبار كافر التأويل وفاسقه أو عدمه]
  والحاصل في المسألة ما ذكره القاضي فخر الدين أن يقال: يعتبر في الإجماع بكل متمكن في الاستدلال على حكم المسألة بدلالتها الشرعية على الوجه الذي يحصل به الحكم، ثم فصل بين أن يكون مجتهداً ملياً باستنباط جملة أحكام الحوادث الشرعية، أو لا يكون كذلك بل يكون له من التمييز والبصيرة ما يمكنه به تحصيل حكم الحادثة المعينة، إذ هو والحال هذه مجتهد في المسألة، وإن لم يكن له عرفان بما وراءها، وأما إذا لم يتمكن من ذلك فإنَّه لا يعتد به في الإجماع؛ لأنه كالعامي الصرف الذي لا هداية له.
  والنافي إما أن ينفي اعتبارهم لعدم التمكن من النظر أو لا؟
  إن كان الأول: فمسلم عند عدم تمكنهم، وإن كان الثاني ففاسد، لأنه ألغى من هو كالمجتهد قطعاً.
  والمثبت لا يخلوا: إما أن يزعم أن للمدعي نظراً في المسألة فهو قولنا، وإلا فهو أبي عبد الله والباقلاني، فعليه ما عليه، فالتطويل هذا لا يجدي نفعاً.
فصل: [في اعتبار كافر التأويل وفاسقه أو عدمه]
  (ولا يعتبر) في انعقاد الإجماع (كافر التصريح) كالملحد والزنديق وغيرهما، (وفاسقه) كفاعل الكبائر جرأة، (إجماعاً) من العلماء، لأنهما قد خرجا من حد الإجماع، والأدلة قاضية بخروجهما، وقد يمنع الوفاق في فاسق التصريح، فإن ظاهر الإطلاق يقضي بأن الخلاف كائن فيه أيضاً.
  (و) أما الفاسق والكافر المتأولين فقد (اختلف في كافر التأويل) كالمجبر والمشبه (وفاسقه) كمن يعتقد أنه على الحق، والمؤمنين على الباطل وهو بخلاف ما اعتقد.
  (فعند بعض أئمتنا) وهو الإمام يحيى بن حمزة # (وأبي هاشم وجمهور الأشعرية) أنهما (يعتبران) في انعقاد الإجماع.
  (وعند جمهور أئمتنا وأبي علي والقاضي عبد الجبار: لا يعتبران) في انعقاد الإجماع، وهذا هو المحصل للمذهب.
  وقال (الغزالي يعتبر الفاسق دون الكافر)، فلا يعتبر.
  (وقيل: يعتبر الفاسق) في الإجماع لكن (في حق نفسه)، وهذا القول مقتضى كلام ابن الحاجب.
  لنا: أن قوله تعالى: {وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ}، وقوله: {لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ}، إذ من حق الشهود العدالة يقضيان بعدم قبوله.