فصل: [في اعتبار كافر التأويل وفاسقه أو عدمه]
  أبو هاشم قال: قضى الخبر باعتباره؛ لأن أمته صلى الله عليه من صدق به.
  قلت: ودليل الفريقين في غاية القوة، لكن الحق الاعتبار بجميع المصدقين؛ لأنه لا يلزمه أن يقلد غيره، بل يتبع في وقائعه ما يؤدي إليه اجتهاده، فكيف ينعقد عليه في حقه واجتهاده، ويخالف اجتهاد من سواه، وإذا لم ينعقد في حقه استحال تبعض حكمه حتى يقال: انعقد من وجه دون وجه.
  واحتج الغزالي: على الفرق بين الكافر والفاسق بأن الفسق لا يخرج صاحبه عن الأمة بخلاف الكفر.
  قلنا: هم في الظاهر من الأمة مع تلبسهما جميعاً بالمعصية، فلا وجه للفرق.
  احتج ابن الحاجب: بأن فسقه لا يمنع قبول قوله في حقه كإقرار الكافر والفاسق.
  قلنا: لا عبرة بكلام الفاسق فيما له وفاقاً كالكافر، وهذا له لأنه يحصل له به شرف الاعتداد به، والاعتبار لمقاله، فكان قوله له من هذه الحيثية، وإن كان عليه بالنظر إلى أن الحكم قد يكون عليه كما إذا أجمعوا على إباحة شيء فخالفهم إلى وجوبه أو حرمته.
تنبيه: [في اعتبار الجن في الإجماع]
  هل يعتبر في الإجماع بالجن؟.
  قيل: لا، لتعذر عرفان ما هم عليه، وقد كلفنا بالعمل به، فيؤدي اعتبارهم إلى التكليف بما لا طريق إليه، وهو لا يجوز، وأما في حقهم فيقرب اعتباره؛ لأن الأدلة لم تفصل في التكليف به بين إنسي وجني.
  وقد يقال: إن الكلام في اعتبارهم كالكلام في اعتبار من سيوجد فيعطف ما هنا إلى ما ثَمَّ، فيأتي فيه نحو ما تقدم.
[إذا اختلفت الأمة على قولين ثم كفرت أو فسقت أو ماتت إحداهما]
  (إذا اختلفت الأمة على قولين، ثم كفرت إحدى الطائفيتين سقط خلافها وكان إجماعاً) إذ المعتبر إجماع الأمة المعتبرة، وقد خرج من كفر عنها فصار قول الطائفة الأخرى بعد كفر هذا قول كل الأمة المعتبرة، فإن أسلمت وهي مستمرة على ذلك القول لم يلتفت إلى قولهم ولم يعتد به، ولا يجوز لهم أيضاً العمل به، إذ قد أجمع على خلافه فيكونون كما لو أحدثوه بعد انعقاد الإجماع إلاَّ على قول من يشترط انقراض العصر في صحة الإجماع، وقد مر بطلانه.
  (وكذا إن فسقت) إحدى الطائفتين فإنَّه يسقط خلافهما (خلافاً للإمام) يحيى (وأبي هاشم) فقالا: لا يسقط خلافهما؛ لأن عمدتهما الخبر، والكلام إنما هو في المتأول لا المصرح.