الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في حكم الإجماع في الأمور الدنيوية]

صفحة 94 - الجزء 2

  (فأما المبتدع بغيرهما) أي بغير الكفر والفسق (فمعتبر)، أما على قول الجمهور فلكونه لم يخرج عن المؤمن، وأما على الخلاف فظاهر.

  واعلم أنه وقع الاتفاق على أن كافر التصريح خارج عن أمة النبي ÷، وأما كافر التأويل وكذلك فاسقه:

  فقالت (البصرية: ويوصف المتأول بكونه من الأمة).

  وقيل: لا يوصف بشيء من ذلك؛ لأن أمة النبي ÷ هو من صدقه وتابعه، والمتأول غير متابع؛ ولأن أمة النبي ÷ مدح فلا يستحقه إلاَّ المؤمنون، وأيضاً فالاتفاق على أنه إذا قيل إجماع الأمة فإنما يراد بالأمة المؤمنون فقط، ولأن المجبر والمشبه جاهلان بالله، فلم يصدق النبي ÷ حينئذ، إذ لا يعرفان من أرسله فضلاً عن صدقه.

  وقد أجيب: بأن الأمة في الأصل كل من بعث إليه النبي صلى الله عليه، ثم صارت في العرف لكل من صدقه واعتقد وجوب اتباعه سواء كان مؤمناً أو لا، بدليل ما جاء عن النبي ÷: «ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة ..» الخبر، فجعل كل تلك الفرق من الأمة وليس المؤمنة منها إلاَّ واحدة فقط وهي الناجية، وإذا كانت الأمة من صدقه فلم لا يكون المتأول من الأمة، وهو مصدق للنبي ÷، معتقد لوجوب اتباعه.

  فإن قيل: قولكم أمة النبي ÷ كل من صدقه: أتريدون التصديق باللسان فقط، أم بالقلب واللسان، والأول باطل، وإلا كان المنافق من الأمة، فتعين الثاني وحينئذ فلا يكون المتأول الكافر مصدقاً لأنه لا يعرف ذلك بقلبه، كما تقدم من أنه جاهل بالله تعالى.

  قلنا: نختار الثاني لكن لا يشترط أن يكون عن علم بل إذا كان عن أي اعتقاد فإنَّه تصديق، ولا شك أن المتأول معتقد لصدق الرسول.

فصل: [في حكم الإجماع في الأمور الدنيوية]

  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء (وهو) أي الإجماع (حجة في الأمور الدنيوية)، وذلك (كالآراء والحروب خلافاً للقاضي) عبد الجبار (في أحد قوليه) ذكره في العمد وشرحه، وقوله في النهاية كالأول.