الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]

صفحة 98 - الجزء 2

  (فالإمام) يحيى (والطوسي والغزالي) قالوا: (يمتنع) الإجماع بعد الخلاف المستقر بمعنى أن وقوعه محال.

  وقال (الجمهور) من العلماء (بل يجوز، ثم اختلفوا) بعد القول بالجواز:

  (فعند بعض الفقهاء): يجوز وقوعه، ولكنه حينئذ (ليس بإجماع).

  وقال (أئمتنا والموسوي وأبو علي وأبو الحسين وبعض الشافعية ومن يشترط انقراض العصر: بل) اتفاق المختلفين بعد ذلك (إجماع) وروى في العقد عن الموسوي أنه يقول إنه حجة.

  لنا: نفي المانع ومساواة الإجماع الحاصل بعد الخلاف للإجماع الحاصل بعد التردد.

  الإمام والغزالي قالا: لو وقع لكان حجة لتناول الأدلة، فتعارض الإجماعان، إجماع هؤلاء على عدم تسويغ الآخر، وإجماع الأولين على تسويغ كل منهما، وأنه محال عادة.

  قلنا: لا نسلم الإجماع الأول - أعني اتفاق الأولين - على تسويغ كل منهما أو كل فرقة، إذ كل فرقة تجوز ما تقول به، وتنفي الآخر، ولو سلم فربما أجمعوا على تسويغ كل منهما ما لم يوجد قاطع يمنع من ذلك، وقد وجد قاطع وهو الإجماع، فلا تعارض، وهذا كما لو لم يستقر خلافهم، إذ في زمن الخلاف يجوزون الأخذ بكل واحد، وما ذكرتم يجري فيه بعينه، فما هو جوابكم، فهو جوابنا.

  قال بعض المحققين: ولهم أن يفرقوا بين التجويزين بأن تجويز الأخذ بكل واحد قبل استقرار الخلاف تجويز ذهني، بمعنى أن العقل يجوز أن يكون ما يجب العمل به هذا كما يجوز أن يكون ذاك مع تجويز أن يظهر بطلان أحدهما بالكليّة وحقية الآخر على القطع بخلاف التجويز بعد استقرار الخلاف، فإنه وجودي بمعنى أن للعامل أن يعمل بهذا كما له أن يعمل بذاك، وأن تعمل طائفة بهذا وطائفة بذلك، فحيث جاز ظهور بطلان العمل بأحدهما جاز الاتفاق على الطرف الآخر أو حيث لم يجز لم يجز.

  احتج المجوزون لوقوعه المانعون لحجيته: بأنه لو كان لتعارض الإجماعان، وقد تقدم تقريراً وجواباً.

فصل: [في اتفاق أهل العصر الثاني على أحد قولي أهل العصر الأول]

  (واختلف في اتفاق أهل العصر الثاني كالتابعين على أحد قولي أهل العصر الأول بعد استقرار خلافهم):

  (فعند أحمد والأشعري والجويني والغزالي والصيرفي يمتنع) ذلك.

  وقال (أئمتنا والجمهور) من العلماء: (بل يجوز) ذلك (ثم اختلفوا) بعد القول بجوازه (في وقوعه):