الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في مستند الإجماع]

صفحة 102 - الجزء 2

  إجماع عندهم)، بناء على هذا الأصل، لأن الأمة اختلفت في ديته: فقيل إنها مثل دية المسلم، وقيل بل نصفها، وقيل بل ثلثها.

  قالوا: فالتمسك بالثلث الذي هو الأقل إجماع (لاشتمال الدية الكاملة) عند أهل القول الأول وهو المذهب، (و) اشتمال (النصف) عند أهل القول الثاني وهو مالك (عليه، وليس كذلك) أي ليس بإجماع، (لأنه) أي التمسك بأقل ما قيل (مركب من إثبات القليل) بالإجماع (ونفي الزيادة) بعدم ما يدل عليها، وليس من الإجماع في شيء.

  فإن ادعوا: أنه إجماع على ثبوت الثلث، فمسلم، ولكن أين الدليل على نفي الزيادة؟.

  فإن قالوا: الدليل عليه وجود مانع منه كالكفر مثلاً، أو انتفاء شرط الإسلام مثلاً، أو استصحاب حال.

  قلنا: ليس من الإجماع.

  وإن ادعوا: أنه إجماع على نفي الزيادة، فممنوع بما قدمنا ولو كان الإجماع على الأقل إجماع على سقوط الزائد، لكان القائل بالزائد خارقاً للإجماع، وليس كذلك قطعاً.

  (فأما استدلال أئمتنا) كالقاسم والهادي (على قصر الإمامة في ولد السبطين، فليس منه) أي من التمسك بأقل ما قيل بالإجماع (لتركبه) أي هذا الإجماع الذي استدل به أئمتنا (من الاتفاق على صحتها فيهم وعدم الدليل على صحتها في غيرهم)، فليس الاستدلال بالإجماع فقط.

  وذكر الأسنوي أن مذهب الشافعي مركبٌ من الإجماع والبراءة الأصلية، فإنها تقتضي عدم وجوب الزيادة، وهي دالة على عدم الوجوب مطلقاً، لكن ترك العمل بها في الثلث للإجماع، فهي ما عداه على الأصل، قال: فتلخص أن الحكم بالاقتصار على الأقل مبني على مجموع هذين السببين كما قرره الإمام والآمدي لا على الإجماع وحده، بما هو دليل على إيجاب الثلث خاصة، انتهى، وقد توهم ذلك ابن الحاجب فدفعه وجرى عليه المصنف.

فصل: [في مستند الإجماع]

  (ولا إجماع إلاَّ عن مستند) يرجع إليه أهل الإجماع (إما دلالة، وهو اتفاق)، وذلك كالخبر المتواتر والآية والقياس القطعي، (أو إمارةً) كالخبر الآحادي والقياس الظني.