الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في مستند الإجماع]

صفحة 104 - الجزء 2

  (و) للقطع ببطلان (القياس) للإمامة الصغرى لأنها بمعزل عن الكبرى، بدليل أنها تصح من المماليك؛ ولأنها لو كانت كذلك لاستحق الخلافة ابن أم مكتوم، فإن رسول الله استخلفه.

  ولو سلم ففي الرواية الصحيحة عن النبي ÷ أنه لم يأمره وإنما أمرته عائشة.

  ولو سلم فأمر رسول الله ÷ أولاً وعزله أخراً بيان لعدم استحقاقه.

  قالوا: أولاً: الإجماع منعقد على أنه يجوز للمجتهد مخالفة الإمارة، فلو صدر الإجماع عنها لكان يلزم جواز مخالفته، لأن مخالفة الأصل تقتضي مخالفة الفرع، لكن مخالفة الإجماع ممتنعة اتفاقاً.

  قلنا: إنما تجوز مخالفة الإمارة قبل الإجماع على حكمها، وأما إذا اقترن بها الإجماع فلا، لانعضادها به.

  قالوا: ثانياً: العلماء مختلفون في الاحتجاج بالقياس، وذلك مانع من انعقاد الإجماع عنها، لأن من لا يعتقد حجيتها من المجتهدين لا يوافق القائل بحجيتها.

  قلنا: ذلك منقوض بخبر الواحد والعموم، فإن الخلاف قد وقع في حجيتهما، مع جواز صدور الإجماع عن كل منهما اتفاقاً.

  (وتحرم مخالفته) أي الإجماع (حيث يكون عنهما) أي القياس والاجتهاد عند من قال بوقوعه عنهما، (خلافاً للحاكم صاحب المختصر) على مذهب أبي حنيفة، وهو أبو الفضل المروزي من الحنفية، وكان معاصراً للحاكم أبي سعيد صاحب شرح العيون رحمة الله عليه ورضوانه، فزعم أنه لا تحرم مخالفته.

  لنا عليه: أنهم لما أجمعوا على ذلك صار سبيلاً لهم، فوجب اتباعه، وأيضاً شيء من أدلة الإجماع لا يبيح خلاف هذا.

  احتج الحاكم: بأن من سبيلهم إثباته بالاجتهاد وجواز القول بخلافه إذ لا حينئذ اجتهاد آخر.

  قلنا: من سبيلهم إثباته بطريق كيف كان، فأمّا تعيينه فقد أجمعوا على أنه غير معتبر، وتجويزهم القول بخلافه خاص لا مطلقاً، بل شرط أن لا يحصل الاتفاق.

فرع: [في امتناع الإجماع بدون مستند]

  قال (أئمتنا والجمهور) من العلماء: (وليس لهم أن يجمعوا جزافاً) لا عن دليل ولا إمارة؛ لأن اتفاق الكل لا لداعٍ يستحيل عادة، كالإجماع على أكل طعام واحد، وأيضاً فإن عدم المستند