الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

فصل: [في معنى الكلام]

صفحة 80 - الجزء 1

  قلنا: قد ثبت إضافة قوله {كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}⁣[القصص: ٨٨]، ومعلُوم أن الوجه ليس غيره، وكذا قولُه تعالى {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ}⁣[المائدة: ١١٦]، وكذلك قولنا: ذات الله، فما أجيب به في هذه فجوابنَا مثله.

فصل: [في معنى الكلام]

  الكلام يطلق على المسموع، تقول: سمعت كلام فلان، وعلى ما في النفس نحو: إن الكلام لفي الفؤاد، واختلف في الإطلاق:

  فقال (أئمتنا⁣(⁣١) والمعتزلة⁣(⁣٢) واللغويون والنحاة: والكلام حقيقة في المسموع، مجاز في غيره كالنفساني)، وفي رواية المصنف لهذا القول عن النحاة بعض خفاء، ولعله أخذه من حدهم للكلمة بأنها لفظ وضع لمعنى مفرد، ولم يتنبه لكون الضمير المستكن عند النحاة كلمة، وهم أرادوا أن اللفظ إمَّا المذكور أو المقدور.

  (و) النفساني (هو: تصور الكلام) في النفس (فأطلق على التصور مجازاً) لكونه استعمالاً له في غير ما وضع أعني المسموع، (تسمية له باسم ما يؤول إليه) فقولهم: في نفسي كلام، معناه في نفسي شيء يؤول إلى الكلام، قال تعالى {إِنِّي أَرَانِي أَعْصِرُ خَمْرًا}⁣[يوسف: ٣٦]، وقوله {إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا ١٠}⁣[النساء: ١٠].

  وقالت (الأشعريَّة⁣(⁣٣): بل هو) أي الكلام (معنى قديم في الغائب) وهو الله تعالى، (محدث في الشاهد) وهو الخلق، (ولفظه) أي لفظ الكلام (مشترك بينه) أي النفساني (وبين المسموع) لوضعه لهما.


(١) أينما أطلق هذا اللفظ فالمراد بهم أئمة الزيدية من أهل البيت $، إما جميعهم، أو جمهورهم.

(٢) فرقة كبرى من الفرق الإسلامية المشهورة، قديماً وحديثاً، وهي تنتسب إلى واصل بن عطاء، الذي كان تلميذاً عند الحسن البصري، وهي من فرق العدلية، تتميز بقادتها وآرائها الكلامية والأصولية، وهي تنقسم إلى فرقتين: البغدادية، والبصرية، وكل فرقة تضم عدداً من المدارس، التي تتميز بأقوالها.

(٣) فرقة من الفرق الإسلامية المشهورة، تنتسب إلى علي بن إسماعيل بن أبي بشر الأشعري، وهي من جملة فرق المجبرة القدرية.