الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [أقسام الأفعال الصادرة من النبي ÷]

صفحة 149 - الجزء 2

  والعجب كيف غفل # عن هذا مع أنه لو كان كذلك لكان نفلاً في حقه وحق غيره، (والمشاورة) في الأمور، قال تعالى {وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ}، (والسواك، والأضحية، وتخيير نسائه) بقوله {إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا}، ومثل هذه تغير المنكر، ومصابرة العدو الكثير، وقضاء دين المعسر، فقد ظهر بالدليل وجوب هذه عليه.

  وفائدة اختصاصه بالإيجاب: زيادة الزلفى والدرجات، إذ لم يتقرب المتقربون إلى الله بمثل ما افترض عليهم.

  (أو) كان (مباحاً) له فعله محظوراً على أمته (كالوِصال) وهو صوم يومين متتابعين فصاعداً مع عدم تناول شيء بالليل، (والنكاح بلا مهر وشهود، و) الزيادة على أربع (إلى تسع).

  (أو) كان (محرماً) عليه مباحاً لأمته (كخائنة الأعين) أي الإشارة بالعين إلى آخر كأن يأمره بقتل أو غيره، (ونزع لامته) من درع وبيضة وغيرهما بعد لبسهما (حتى يقاتل).

تنبيه:

  ومن خصائصه: ما هو محظور فعله على غيره تكريماً له: كالنداء من وراء الحجرات، ورفع الصوت وندآؤه باسمه، وتحريم زوجاته لغيره.

  (و) القسم (الثالث: ما وضح) من أفعاله (أنه بيان لمجمل) سابق، ووضوح ذلك:

  (إما بقول مثل قوله: «صلوا كما رأيتموني أصلي»)، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن أحدكم»، فإن هذا القول يوضح أن صلاته بيان لقوله {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ}، والحديث متفق عليه من حديث مالك بن الحارث بألفاظ مختلفة، واللفظ المذكور هنا للبخاري، ومثله قوله ÷: «خذوا عني مناسككم».

  (أو بقرينة) من قرائن الأحوال تدل على أن ذلك الفعل بياناً لمجمل، كما إذا أورد لفظ مجمل، أو عام أريد به الخصوص، أو مطلق أريد به المقيد، ولم يتبين ذلك قبل دعوى الحاجة إليه، ثم فعل مع الحاجة فعلاً صالحاً للبيان، فإنَّه يكون بياناً حتى لا يكون مؤخراً للبيان عن وقت الحاجة، وذلك (كالقطع) ليد السارق (من الكوع) بياناً لقوله تعالى: {فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا}، وكتتميمه إلى المرفقين بياناً لقوله تعالى {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ} ونحوها.