فصل: في بيان انقسام الكلام إلى الخبر والإنشاء وذكر ذلك
  وقع لموسى عليه الصلاة والسلام، كما اختاره الغزالي خرقاً للعادة، وقيل: سمعه بلفظٍ من جميع الجهات على خلاف ما هو العادة.
  وقال في شرح جمع الجوامع: والأصح أنَّه يسمى خطاباً حقيقة، تنزيل للمعدوم الذي سيوجد منزلة الموجود، وقد حاول القطب منع أن يسمى خطاباً عندهم.
  وقال القاضي عضد الدين في شرح المختصر: والخلاف مبني على تعيين الخطاب، فإن قلنا: إنَّه الكلام الذي علم أنه يفهم كان خطاباً، وإن قلنا إنه الكلام الذي أفهم لم يكن خطاباً، ويبنى عليه أن الكلام حكم في الأزل، أو يصير حكماً فيما لا يزال، يعني فإنهم يعرفون الحكم بأنَّه خطاب الله المتعلق بأفعال المكلفين بالإقتضاء والتخيير.
فصل: في بيان انقسام الكلام إلى الخبر والإنشاء وذكر ذلك
  (وينقسم) الكلام (إلى خبر وإنشاء؛ لأنه) أي الكلام لا بد له من نسبة، فحينئذٍ (إما أن يكون لنسبته خارج) أي نسبة أخرى غير ما يدل عليه اللفظ، ولا يلزم أن تكون قد وقعت، بل أن يدل الكلام على وقوعها (في أحد الأزمنَة الثلاثة) وهي الماضي والحال والإستقبال (أولا) يكون له نسبة خارجيَّة في أحد الأزمنة الثلاثة (الأول) وهو الذي يكون له نسبة في الخارج مثل: قام زيد، وزيد يضرب الآن، ويقدم غداً، فإنه يفيد نسبة في الذهن بين زيد وبين أحد هذه الأشياء ويدل على وقوع تلك النسبة في أحد الأزمنة الثلاثة، لكن لا يلزم من دلالته على النسبة وقوعها؛ لأن ذلك من خواص الدلالة العقليَّة - أعني أنه لا يجوز فيها تخلف المدلول عن الدال - وهذه لفظية يجوز فيها تخلف ذلك، وإذا عرفت ذلك فهذا هو (الخبر، والثاني) وهو الذي لا نسبة له في الخارج مثل قولنا: قم فإنه يفيد أن في الذهن نسبة القيام المطلوب من المخاطب إليه، ولا يدل على أن في الخارج نسبَة أخرى غير التي أوجدها اللفظ هو (الإنشاء ويُسمَّى تنبيهاً) قيل: لأنه تنبيه على ما في ضمير المتكلم، وهذا كلام ابن الحاجب، وقد واعترضه سعد الدين التفتازاني بأن تسمية جميع أقسام غير الخبر بالتنبيه غير متعارف، (وينقسم الخبر إلى صدق وكذب)، و (لا) قسم له (غيرهما) عند أكثر العلماء، (خلافاً للجاحظ) حيث أثبت الواسطة (وسيأتي) بسط القول في ذلك في باب الأخبار إنشاء الله تعالى.