(فصل): [في معنى الخبر]
الباب الثاني عشر من أبواب الكتاب: باب الأخبار
(فصل): [في معنى الخبر]
  (لفظ الخبر) يستعمل في القول وفي غيره كالإشارة ونحوها مما سيأتي، لكنه (حقيقة في القول المخصوص) بدليل سبق الفهم إلى ذلك، وقد عرفت مما سبق أن السبق إلى الفهم أحد ما تعرف به الحقيقة من المجاز، وهو (مجاز في غيره) كالإشارة كقول الشاعر:
  تخبرني العينان ما الصدر كاتم ... وما جن بالبغضاء والنظر الشزر
  والدلالة كقوله:
  وكم لظلام الليل عندك من يدٍ ... يخبر أن المانوية تكذب
  وقوله:
  نبيء من الغربان ليس على شرع ... يخبرنا أن الشعوب إلى صدع
  وهذا (على الأصح) من القولين، وهو قول الزيدية وبعض الأشعرية، كالرازي.
  وفيه خلاف بعض الأشاعرة وشيخهم الحسن، فإنهم زعموا أنه حقيقة في النفساني، وهو المعنى القائم بالنفس، وقيل: هو مشترك بينهما، وقد تقدمت الحجج والأجوبة، فاعطفها إلى هنا.
  واختلف في تحديده:
  فقال (أئمتنا والجمهور) من العلماء: (ولا يمتنع حد الخبر) بحد جامع لأقسامه مانع من دخول غيره فيه، كما لا يمتنع حد سائر أنواع الكلام من الأمر والنهي.
  (و) اختلف القائلون بتحديده:
  فقال القاضي وغيره: الكلام الذي يدخله الصدق والكذب، والمراد دخوله لغة: أي لو قيل فيه صدق أو كذب لم يخطئ لغة، وكل خبر كذلك، وإن امتنع صدق البعض أو كذبه عقلاً.
  وقال أبو الحسين: الخبر كلام يفيد بنفسه إضافة أمر إلى أمر إثباتاً أو نفياً، قيل: ومعنى الإثبات والنفي أن يعلم منه وقوع النسبة.