(فصل): [في قسمة الخبر]
  والجواب: بإثبات التغاير بين حصول الخبر وتصوره، وأن الضروري هو الحصول دون التصور، والمتنازع هو التصور دون الحصول.
  وثانيهما: التفرقة بين الخبر وبين غيره، وهو أنا نميز بالضرورة بين الخبر وغيره من أقسام الطلب، والإنشاءات غير الطلبية، وهذا يستلزم أن تكون تصورات هذه الأمور ضرورية.
  والجواب: المنع، فإنَّه غاية ما ذكرتم يراهقه التصديق بأن هذا مغاير لذلك وهو لا يستدعي تصوراتها لخفائها.
  (و) الخبر (قد يرد بصورة الإنشاء) كقوله ÷: «إذا لم تستحِ، فاصنع ما شئت» أي صنعت ما شئت، ومنه ما أحسن زيد بمعنى: شيء حسن زيداً ذكره جار الله.
  (و) قد يرد (الإنشاء بصورته) نحو «اتقى الله امرءٌ فعل خيراً يثب عليه»، وقوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ}، ومثل قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ}.
  ولما ذكر الخبر والإنشاء عقبهما بما اختلف أئمتنا في كونه إنشاءً وأخباراً، وهي صيغ العقود، نحو: بعت واشتريت وطلقت وأعتقت، ولا شك أنها في اللغة أخبار وفي الشرع تستعمل أخباراً، وإنما النزاع فيها إذا قصد بها إيقاع الحكم، ولذلك قال السيد:
  (والمختار: في بعت وطلقت إذا قصد بهما إيقاع الحكم) الذي يدل عليه أي حدوثه ووجوده (حال النطق) لا إذا قصد بها أمر ماضٍ فإنَّه لا شبهة في أنها أخبار، (أنها إنشاء) لأنها لا توجد فيها خاصية الأخبار، وهو احتمال الصدق والكذب، إذ لو حكم عليه بأحدهما كان خطأ قطعاً، ولأنه لو كان خبراً لكان ماضياً، إذ لا قائل بأنه للمستقبل، ولو كان ماضياً لم يقبل التعليق؛ لأنه توقيف أمر على أمر على آخر، وإنما لم يتصور فيما لم يقع بعد، ولكنه يقبله إجماعاً، (خلافاً لأبي حنيفة) فإنَّه زعم أنها أخبار، قيل: والمراد عما في الذهن، فيندفع الوجهان المذكوران:
  أما الأول: فلأن غايته أن يكون خبراً يعلم صدقه بالضرورة، كما إذا أخبر أن في ذهنه صورة كذا فلا يحتمل الكذب بدليل من خارج مفهوم اللفظ وهو ما في الذهن، واللفظ إخبار عنه وإعلام به.
(فصل): [في قسمة الخبر]
  (وينقسم الخبر إلى: صدق وكذب) لأن الحكم إما أن يطابق الخارج أو لا، والأول الصدق والثاني الكذب.