الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الخبر المتلقى بالقبول]

صفحة 199 - الجزء 2

  الوقائع الجزبية معلوم الصدق قطعاً كيف وهو آحاد، بل بمعنى أن العلم القطعي بالقدر المشترك يحصل من سماعها بطريق العادة، (ويسمى التواتر المعنوي) إذ المتواتر إنما هو المعنى فقط كما مر تقريره.

  (والثلاثة) الأقسام، وهي ما تواتر لفظه ومعناه، وما تواتر لفظه دون معناه، وعكسه (مقبولة في أصول الدين وفروعه) لإفادتها القطع.

(فصل): [في الخبر المتلقى بالقبول]

  (و) الخبر (المتلقى بالقبول ما) نقل أحاداً، ولكن (حكم بصحته المعصوم كالأمة) أو العترة بأن صرحوا بالإستناد إليه، فإن لم يتلقوا بالقبول بأن لم يصرحوا بالاستناد إليه - وإن كانوا مجمعين - فليس بقطعي لجواز استنادهم إلى غيره مما استنبطوه من القرآن.

  (فعلم صحته) حينئذ (بالنظر) بأن يقال لو لم يكن حينئذ صدقاً بأن كان كذباً لكان إستنادهم إليه خطأ وهم معصومون، ولله در المؤلف حيث يقول:

  وإن التلقي بالقبول على الذي ... به يستدل المرء خير دليل

  وما أمة المختار من آل هاشم ... تلقى حديثاً باطلاً بقبول

  وأيضاً لو لم يكن صحيحاً لرده بعضهم، والمعلوم من حال الصحابة أنهم كانوا يجمعون على التمسك بالخبر والعمل بموجبه، إذا كان طريقه العلم كالأخبار الواردة في أركان الصلاة ومناسك الحج وأصول الزكاة بخلاف ما طريقه الظن، فإن الشارع شنع فيه على حسب ما يغلب في الظن من الصحة وعدمها، فأنتج لنا ما ذكر أولاً كون المتلقى بالقبول صحيحاً، إذ لو لم يعلموا صحته لم يقبلوه، ومثل ذلك بإطباق الصحابة على قبول خبر عبد الرحمن بن عوف في المجوس من قوله «سنوا بهم سنة أهل الكتاب».

  قال (أكثر أئمتنا، وأبو هاشم، والقاضي) عبد الجبار، (والغزالي، وبعض المحدثين)، كابن الصلاح⁣(⁣١) وغيره: (وهو قطعي) في دلالته⁣(⁣٢) على ما تضمنه، إذ القطع فرع الصحة، وقد علم صحته بالنظر فهو (كالمتواتر) في إفادتهما لمعناه بجامع صحتهما.


(١) هو عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان الكردي، تقي الدين الشافعي، أبو عمرو، المعروف بابن الصلاح، الفقيه الأصولي المحدث، ولد سنة (٥٧٧) هـ، وتوفي سنة (٦٤٣) هـ بدمشق، له كتاب، معرفة أنواع الحديث، وغيره.

(٢) لعله يريد أنه قطعي الوقوع من رسول الله ÷ كالمتواتر، وأما الدلالة فحسبها أن =