الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الخبر الآحادي]

صفحة 200 - الجزء 2

  وقال (الجمهور) من العلماء (بل) المتلقى بالقبول ظني في إفادته لمعناه، وممن ذهب إلى ذلك من علمائنا: القاضي عبد الله، والسيد عز الدين محمد بن إبراهيم.

  محتجين على ذلك: بأن الأمة إنما ظنت صدقه، وذلك لا يلزم صحته في نفس الأمر.

  والجواب: أن المعلوم أن الأمة لا تجمع إلاَّ على ما هو صحيح، وقد أجمعت على صحته فنتج لنا صحة ظنهم فيه، وهو مطلوبنا.

  وقال (أبو طالب) المتلقى بالقبول (قطعي في ابتداء الحكم) فيرد ابتداء في الأصول والفروع (لا في نسخه للمعلوم) فلا يصح، محتجاً بأن دلالة خبر الواحد يجب أن تكون مقصورة على القبيل الذي جعلها الشرع دلالة عليه، وهاهنا لم يجعل الشرع المتلقى بالقبول دلالة على الحكم العلمي، إلاَّ إذا كان ابتداء.

  بيان ذلك: أن الصحابة لم يقبلوا خبر الواحد في باب النسخ، ولم يرجعوا إليه، فثبت أن النسخ خارج عما يقبل فيه خبر الواحد.

  والجواب: أن الشيء لا يصح أن يثبت له حكمان، وهو على حالة واحدة، وهاهنا قد ثبت للمتلقى بالقبول حكمان، وهو على حاله متلقى فبالنظر إلى كونه ابتداء يقبل في القطعي وبالنظر إلى كونه ناسخاً لا يقبل، وما ذكر لا يصلح فارقاً إذ المعتبر القطع في جواز النسخ، وادعاؤه لذلك عن الصحابة غير مسلم، إذ لم ينقل ذلك عنهم إلا في غير المتلقى، فعليه الدليل بحكمهم على المتلقى بذلك، والله أعلم.

(فصل): [في الخبر الآحادي]

  (والآحادي: ما ليس بمتواتر) لا لفظاً ولا معنى، إما بأن لا يخبر به جماعة أو أخبروا ولكن لا يفيد إخبارهم العلم ولو كانوا مائة، أو يفيد العلم لكن لا بنفسه بل بقرينة زائدة على ما لا ينفك عن المتواتر، فإذ لا واسطة بين المتواتر وخبر الواحد (ولا متلقى بالقبول) من المعصومين وسواء أفاد الظن أولا.


= قطعيه قطعي فيها، وظنيه ظني فيها. تمت من هامش النسخة (أ).