الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في بيان معنى العدالة، والكبيرة]

صفحة 219 - الجزء 2

  (والتحليف) للشاهد (عند معتبره) أي التحليف مع التهمة فقط، فأما بدونها فلا يجوز التحليف اتفاقاً، والمعتبرة مع التهمة هو الهادي والناصر وهو ظاهر قول طاووس اليماني كقوله تعالى: {إِنِ ارْتَبْتُمْ}، وهذه الآية وردت في شهادة أهل الذمة للمسلمين، ونسخ شهادة أهل الذمة لا يقتض نسخ التحليف، وأما المؤيد بالله والشافعي وروي في شرح الإبانة عن الناصر فقالوا: إن الشهود لا يحلفون لأن الله تعالى قال: {مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ}، والمتهم غير مرضي.

  (وتختص الرواية بقبول الفرع مع إنكار أصله) كما يأتي بيان ذلك إن شاء الله تعالى في موضعه بعون الله ولُطفه بخلاف الشهادة، (والترجيح بالكثرة) بخلاف الشهادة، فإن نصابها الإثنان، فلا ترجيح فيها بكثرة الشهود.

(فصل): [في بيان معنى العدالة، والكبيرة]

  (والعدالة: الإتيان بالواجبات، وترك كبائر المقبحات وما فيه خسَّة) سواء كان معصية كالتطفيف بحبه وسرقه لقمة، أو مباحه كالأكل في السوق لغير سوقي، والبول في الطريق، والإفراط في المجون، ومحادثة غير المحارم في الأسواق، ومهازلة الزوجة بالنكاح بحيث يسمع الغير، إذ ترك المروءة دليل عدم الحياء فيوهم الجرأة في الدين لقوله ÷: «إذا لم تستح فاصنع ما شئت»، والمعنى لا بد من الإتيان بالواجبات، وترك الفرد من أفراد القبائح، فالترك أو الفعل ينفي العدالة.

  وظاهر إطلاق السيد أن صغائر غير الخسية ككذبه لا يتعلق بها ضرر، ونظرة إلى أجنبية أنه لا يشترط المنع من ذلك إن قلنا إن ذلك صغيرة.

  قال المؤيد بالله في حدها: هي الخروج من كل شبهة، ومحاسبة النفس في كل طرفة، وهذا الانتهاء إلاَّ لمثله، إذ لو اعتبرت ذلك لتعطلت المصالح والأحكام، وتضرر جميع أهل الإسلام، ولم يوجد شاهد ولا مفتٍ ولا شيخ يؤخذ عنه، إذ المنزهين من جميع الشبهات أعز من الكبريت الأحمر.

  وقيل فيها: هيئة راسخة في النفس تمنع من اقتراف الكبائر وصغائر الخسة، ومعناها ما ذكرنا.

  (واختلف في الكبيرة):

  (فعند أئمتنا وبعض البغدادية والطوسي: أنها ما توعد عليه) من الأفعال والتروك والأقوال (بعينه) في الكتاب والسنة لا في الجملة كما في قوله تعالى: {وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ يُدْخِلْهُ نَارًا}، فهذه لا تدل على كبر.