(فصل): [في رواية المجهول]
  فقال (الناصر والمنصور والبستي وغيرهم: والأصل في المعصية الكبر) إذ فيها اخترام لحدود الله.
  وقالت (الشافعية: بل الصغر) حتى يرد الدليل بالكبر.
  (والمختار تجويزهما حتى يقوم الدليل) على كونها صغيرة أو كبيرة.
  أما أنا لم نقطع بكبر: فلأن الكبر المتحقق ما توعد عليه بعينه، وهذا لم يتوعد عليه بعينه.
  وأما أنا لم نقطع بالصغر: فلأن فيه إغراء بفعلها وترغيب إليها، والإغراء بالقبيح قبيح، إذ هو مفسدة، والله تعالى يتنزه عن فعل المفاسد.
  بيان ذلك: أن الله تعالى إذا خلق للعبد شهوة القبيح ومكنه منه ونهاه عنه ثم عرفه أنه لا عقاب عليه في فعله فإنَّه يكون كالناقض لغرضه من النهي عنه، ويكون العبد أقرب إلى ارتكاب ذلك القبيح المنهي عنه بعد علمه بعدم العقاب عليه منه لو لم يعلم ذلك، وهذا فهو معنى المفسدة، ومن ثم حكمنا بأنه لا يجوز التعريف بجميع الكبائر، إذ لو عرفت لعرف أنما سواها صغائر، بل ما من معصية لا يقطع بكبرها إلاَّ ويجوز فيها الأمران إلاَّ معاصي الأنبياء فإنَّه مقطوع بصغرها، ومعاصي الفساق فإنَّه مقطوع بكبرها.
(فصل): [في رواية المجهول]
  (واختلف في رواية المجهول، ويطلق) هذا (على مجهول العدالة) بمعنى أنه غير معروفها، وإن كان معروفاً بالضبط والنسب والاسم.
  (أو) مجهول (الضبط) فلا يعرف هل هو ضابط أو لا، وإن كان معروف العدالة والنسب والاسم.
  (أو النسب) فلم يعرف، وإن كان يعرف ما عداه.
  (أو الاسم) فلا يعرف، وإن كان ما سواه معروفاً.
  (فعند محمد بن منصور، وابن زيد، والقاضي في العمد، والحنفية، وابن فورك: يقبل مجهول العدالة) مع سلامة الظاهر عن الفسق، (وهو أحد احتمالي أبي طالب) ذكره في جامع الأدلة، وهو في أصول الفقه، وتوقف في المجزي، (و) هو (أحد قولي المنصور بالله).
  (وعند أكثر أئمتنا والجمهور) من العلماء: (لا يقبل) مجهول العدالة (إلاَّ) إذا كان (مجهول الصحابة).
  قال (المنصور) بالله: (أو مجهول التابعين) فإنَّه يقبل، والمذكور عنه أنه لا يسأل عن عدالة ثلاثة قرون.