(فصل): [في بيان التعديل وطرقه]
  ورجل ثالث: سمع من رسول الله ÷ شيئاً يأمر به، ثم نهى عنه وهو لا يعلم، أو سمعه ينهى عن شيء ثم أمر به وهو لا يعلم، فحفظ المنسوخ ولم يحفظ الناسخ، فلو يعلم أنه منسوخ لرفضه، ولو علم المسلمون إذ سمعوه منه أنه منسوخ لرفضوه.
  وآخر رابع: لم يكذب على الله ولا على رسوله، مبغض للكذب خوفاً من الله وتعظيماً لرسول الله، ولم يهم بل حفظ ما سمع على وجهه، فجاء به على ما سمعه لم يزد فيه ولم ينقص منه، وحفظ الناسخ فعمل به، وحفظ المنسوخ فجنب عنه، وعرف الخاص والعام فوضع كل شيء موضعه، وعرف المتشابه ومحكمه، وقد كان يكون من رسول الله ÷ الكلام له وجهان، فكلام خاص وكلام عام فيسمعه من لا يعرف ما عنى الله به، ولا ما عنى به رسول الله ÷، فيحمله السامع ويوجهه على غير معرفة وما قصد به وما خرج من أجله».
  قلت: وإذا تأملت كلام الوصي وجدت كلام المؤلف سابقاً أن مجهول الصحابة يعمل بقوله ضعيف وهو مصرح بخلاف ذلك يظهر ذلك بالتأمل والله سبحانه أعلم.
(فصل): [في بيان التعديل وطرقه]
  في ذكر التعديل والجرح بما يتميز كل منهما فنقول:
  (وللتعديل) للشاهد والراوي (طرق) أربع تثبت بها، وهي متفاوتة في القوة:
  الطريق الأولى: وهي (أعلاها: حكم الحاكم المشترط للعدالة بشهادة الراوي) وهذه تعديل باتفاق، وإلا لزم حكمه بشهادة من ليس عدلاً، وهو خلف، فأما حكم الحنفي فلا يكون تعديلاً لاستباحته للحكم بالشهود الفسقة.
  (ثم) بعد هذه الطريق في القوة (قول المزكي) لذلك الراوي (هو عدل) لأني قد عرفت منه الإتيان بالواجبات واجتناب المقبحات ومعرفة ذلك يكون بالخبرة، وهي الدراية بأحوال الشخص في حالتي السفر والحضر والغضب والرضا والصحة والسقم.
  (ثم) بعد هذه الطرق (عمل العالم الذي لا يقبل المجهول بروايته) فإنَّه يكون تعديلاً، وإن كان يقبله فلا لجواز اتكاله على ظاهر السلامة، وقوله (في الأصح) إشارة إلى قول بعضهم أنه لا يكون تعديلاً إن أمكن حملة على الاحتياط أو على العمل بدليل آخر وافق الخبر، وإن كان لا يقبل المجهول؛ لأن علمه حينئذ ليس لصدق الراوي، فلا يكون تعديلاً، وهذا نص على معناه الرازي.