الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الشروط الراجعة إلى المخبر عنه]

صفحة 259 - الجزء 2

  هذا الحذف إذا كان (لغير استهانة) من الراوي لكلامه ÷، أمَّا معها فقال في الجوهرة: تسقط عدالته، وإنما سقطت عدالته؛ لأن الاستهانة توهم النفاق والكفر.

  قلت: والحق أنها كفر.

  (جائز) وفاقاً (لمن أجاز الرواية بالمعنى) لأنهم إذا جازوا تغيير لفظ الحديث وإبقاء معناه فلا يكونوا أشد قبولاً إلى بقاء لفظ بعض الحديث ومعناه؛ لأن المقصود تأدية المعنى، وإذا حصل بما قد ذكر فلا وجه لوجوب الزيادَة إن لم يتركه استهانة، وأيضاً الحديث إذا لم يكن لآخره تعلق بأوله بحال كخبرين لاستقلال كل واحدٍ منهما بمعناه.

  (وقيل): حذف بعض الخبر (ممتنع) والقائل بذلك بعض أهل الحديث (إلا أن يرويه مرة أخرى بتمامِه) فإن ذلك جائز.

  واحتجوا بحجة من منع الرواية بالمعنى: من أنه يجوز أن يكون من الفائدة في المحذوف في المنطوق ما لا يحصل مع حذفه، والجواب يعرف مما سبق.

  (فإن تطرق إليه) أي الراوي للحديث المحذوف بعضه (تهمة في اضطراب نقله) فتارة يثبت لفظ الحديث كاملاً وتارة يحذف بعضه، فإنه ربما يقال: لو كان صحيحاً لما اضطرب نقله، (أو تعلق المحذوف بالمذكور تعلقاً يغير معناه) بأن يكون مخصصاً، سواء كان (متصلاً كالاستثناء) نحو حديث مسلم: «لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورِق بالورِق إلا وزناً بوزن مثلاً بمثل سواء سواء»، (والشرط) كما لو قال: بيعوا التمر بالتمر إن كان مثلاً بمثل يداً بيد، (والغاية) كما في حديث الصحيحين أنَّه ÷ نهى عن بيع التمر حتَّى يزهو، (ونحوها) كالبدل نحو: اقتدوا بالناس العلماء منهم، وعطف البيان نحو: في السائمة الغنم زكاة، (أو منفصلاً) نحو: اقتلوا المشركين ولا تقتلوا أهل الذمّة (امتنع الحذف) لهذه المذكورات لما يحصل بحذفها من خلل المعنى المقصود.

(فصل): [في الشروط الراجعة إلى المخبَر عنه]

  وأمَّا الكلام (في الشروط الراجعة إلى المخبر عنه) فقد (اختلف فيما يؤخذ فيه) من الأحكام (بالآحاد وما لا يؤخذ) فيه بها:

  (فعند أئمتنا والجمهور) من العلماء: (أنه إن ورد في المسائل العلميات) وهي التي المطلوب فيها العلم، فلا يخلو حاله بعد وروده فيها، إما أن يرد ابتداء أو لا: