الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الخبر المخالف للقياس]

صفحة 265 - الجزء 2

  وأمَّا خبر القرعة: فلأن الإجماع إنما وقع على امرئ قد عرفت حريته بعينه أنه لا يطرأ عليها بعد ذلك رق، والخبر لم يوجب الرق إلا حيث التبس تعيين الحرية، فقدم الخبر على قياس الحرية الملتبسة على المعينة في منع طرو الرق عليهما.

  وأمَّا خبر المصراه: فلأن الإجماع إنما انعقد على ضمان المثلي بمثله حيث حصل اليقين بالتماثل جنساً وصفة؛ ولبن المصراة يجوز أن يخالف لبن غيرها في صفة أو خاصية، فالخبر الوارد فيهما إنما منع من قياس ما ظنت فيه المماثلة على ما علمت فيه.

  وقد يمنع كون خبري القرعة والمصراه مصادمين للقاطع من كل وجه حتَّى يكونا مخالفين للأصولين؛ إذ لم يجمع على أن الرق لم يطرأ على العبيد المعتقين على هذه الصفة، ولا على أن لبن المصراه يضمن بمثله، بل إنما دل القاطع المدعى على أن الحرية لا يطرأ عليها ذلك، وإنما المثلي يضمن بمثله، وذلك عام، فدلالته على تلك الصورتين ظنية، فالخبران إنما صادما ظنياً لا قطعياً، فلا يكون من محل النزاع في طرف ولا وسط، فيكون إيرادهما نصاً للمثال في غير محله، ولذلك قال المصنف: (والتحقيق أنها) أي الأخبار المتقدمة (من قسم التخصيص إن ثبتت) هذه الآحاديث سنداً، إذ التأويل فرع الثبوت، وقد عرفت مما سبق الثابت منها وغيره، (وهو) أي تخصيص القطعي بالظني (اتفاق) بيننا وبين الشافعي.

  والحاصل: أن مخالفة الخبرين للأصول مخالفة تخصيص لا مدافعة، والتخصيص بالخبر الواحد يجوز للأدلة القاطعة إذا كانت عملية اتفاقاً بيننا وبين الشافعي.

(فصل): [في الخبر المخالف للقياس]

  خبر الواحد إذا خالف القياس من وجه دون وجه فالجمع ما أمكن، (وإذا خالف القياس) من كل وجه بأن يبطل كل منهما ما يثبته الآخر بالكلية، والمراد به أحد أركان الشرع وفيما سبق قياس الأصول كما لو ورد مثلاً الخمر حرام لإسكاره، ثُمَّ قسنا عليه نبيذ التمر، ثُمَّ ورد خبر بأن نبيذ الذرة حلال، كان هذا الخبر مخالفاً للقياس، (فهو) أي الآحادي (الأولى) بالعمل (عند جمهور أئمتنا والشافعي والكرخي والرازي).

  (وقالت المالكية: بل القياس) هو الأولى، فيرد الخبر ولا يقبل.