(فصل): [في كيفية الرواية وبيان الصحابي]
  قالوا: ولا شبهة أنهم من الخاذلين، وقد دعا رسول الله على من خذل أمير المؤمنين على القطع بالخذلان، ومن خذله الله ودعا عليه رسول الله بالخذلان فليس من المؤمنين.
  وروي عن الإمام الناطق عن الحارث بن حوط، قال: أتيت علياً # حين ورد البصرة فقلت له: إني أعتزلك كما اعتزلك سعد بن مالك وعبد الله بن عمر، فقال: إن سعداً وعبد الله لم ينصرا الحق ولم يخذلا الباطل، ولكنه روي أنه أنشد بعد ذلك ممتثلاً:
  وأثكلها قد ثكلته أروعا ... أبيض يحمي الشِرب أن يروعا
  قال الإمام الناطق: أراد أن يأخذهما عن نصرته مصيبة كمصيبة الثكلى التي ثكلت الموصوف، ولا شبهة أن الموصوف ثكل أمه عظيم، فكذلك خذلانهما عظيم ذنبٍ، والعظيم كبير، والكبير فسق، وقد روى توبة ابن عمر الزمخشري في تفسير {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ٩}[الحجرات: ٩].
تنبيه يذكر في شبهة المتوقفين
  روي أن علياً # قال للجماعة المتخلفين عن نصرته: أليس قد بايعتم من قبلي؟ قالوا: بلى، قال: فلم كرهتم القتال معي وقد قاتلتم معه؟.
  قال له سعد بن أبي وقاص: ابغ لي سيفاً أقاتل به معك له لسان وشفتان يتكلم يعرف المؤمن من الكافر، قال #: أهكذا شرط الناس على ولاتهم.
  ثُمَّ قال لمحمد بن مسلمة: وأنت ما منعك من القتال معي؟ قال: لا أستحل ذلك، قال: ولم؟ قال: لأن ابن عمك رسول الله ÷ دفع إلي سيفاً وقال: قاتل به المشركين، فإذا رأيت رجلان من أهل الصلاة يقتتلان فائت أحداً فاعترضه بسيفك حتَّى تكسره والزم الأرض حتَّى تأتيك يد خاطئة أو ميتة راضية، وقد اعترضته به كما قال لي رسول الله ÷ حتَّى كسرته.
  ثُمَّ قال # لابن عمر: وأنت ما منعك من القتال معي؟ قال: لا أستحل قتال أهل الصلاة، فقال: أترغب عن أبيك وأبي بكر وقد استحلا قتال أهل الصلاة.