الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في كيفية الرواية وبيان الصحابي]

صفحة 284 - الجزء 2

  فاحشة وأكثر منكر؛ لأن القتل المحرم عظيمة في القبح، وهم الذين أثنى الله عليهم وخصهم بالفضائل فليس إلا أنه قد استحق ذلك.

  والحق في هذه المسألة: أن القاتلين أنفسهم فاسقون لما قدمنا.

  وأمَّا الخاذلون والمحتشدون: فلا لأنا نتولاهم كما تولاهم أمير المؤمنين، فقد علمت ما كان من أبي اليقضان أدر الله عليه شآبيب الغفران، ومن صعصعة بن صوحان، ومحمد بن أبي بكر بن عثمان، ومن عمرو بن الحمق الخزاعي، ومالك الأشتر النخعي، وكنانَة بن بشر بن عتاب التجيبي، وسواد بن حمدان المرادي وغير هؤلاء وأكثرهم من خلص أصحاب أمير المؤمنين وممن له المودَّة التامَّة له، ومن أراد استيفاء الكلام في هذا المقام فعليه بعلمي الكلام والتاريخ.

[الطريق إلى معرفة الصحابي]

  (والطريق إلى كون الصحابي صحابياً) وجهان:

  أحدهما (علمي): بمعنى أنه يفيد العلم اليقين (وهو التواتر كما في كثيرٍ من أكابر الصحابة) كالعشرة، وعمار وسلمان وأبي ذر وسعد بن عبادة وعبدالله بن رواحة وغيرهم (وأصاغرهم) كالحسنين وابن عباس وابن الزبير وابن عمرو بن العاص.

  (و) ثانيهما (ظني: وهو) النقل (الآحادي، إمَّا من غيره) أي الصحابي كأن يقول: الثقة فلان له صحبة، (أو منه) بأن يخبر عن نفسه أنه صحابي فإنه يقبل منه ذلك (في الأصح) من القولين؛ إذ المعتبر العدالة، فإذا كانت حاصلة فسواء أخبر بما يخصه أو بما يتعداه، وزعم ابن الحاجب أنه لا يقبل قوله لنفسه؛ لأنه متهم في حق نفسه حيث يدعي لها رتبة، فلو قبل منه ذلك قبل من الشاهد شهادته لنفسِه.

  قلنا: إن الشاهد يثبت لنفسه حقاً يستحقه على غيره يأخذه منه، أو يسقط عن نفسه شيئاً يلزمه، وهذا غير ثابت في قولِه: أنا صحابي؛ إذ لم يتضمن إلاَّ الإخبار بأن له وصفاً من أوصاف الفضيلة، وأيضاً فالشهادة تفارق الخبر للدلالة، وإلاَّ فالنظر يقضي بجوازها مع الثقة والعدالة.

  قال الإمام الحسن في قسطاسه: وقد يقال: لو صح ما قلتم لقبل قوله: أنا عدل مرضي، وهو لا يقبل، والفرق بينهما تحكم محض.