الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): في بيان حكم مخالفة الصحابي للخبر

صفحة 293 - الجزء 2

  قلنا: وجدان المانع وحسن الظن بالصحابي يوجب ما ذكرنا، وإلا أدى إلى أن يحمل قوله على التبخيت.

  (ومطلق تفسيره) لآية أو خبر، أي إذا لم يضفه إلى النبي ÷، ولا إلى نفسه فهو (موقوف) عليه (عند بعض المحدثين) فيكون ذلك عن نظره واجتهاده، كما إذا أطلق حكماً شرعياً.

  (وقال بعضهم) أي بعض المحدثين وهو ابن الصلاح وزين الدين (إن كان) التفسير (متعلقاً بسبب النزول فهو في حكم المرفوع)؛ إذ ليس للاجتهاد مجال في ذلك، (وإلاَّ) يكن متعلقاً بسبب النزول (فموقوف) لأن للإجتهاد فيه مجالاً ومسرحاً، وقد روى زين الدين عن الحاكم والشيخين أن مطلق تفسير الصحابي مرفوع، والله أعلم.

(فصل): في بيان حكم مخالفة الصحابي للخبر

  وقد أوضح ذلك بقوله:

  (وإذا روى الصحابي خبراً، فإما أن يكون) ذلك (نصاً) في دلالته، (أو ظاهراً) فيها، (أو مجملاً) لا تتضح دلالته:

  (إن كان) ذلك الخبر المروي (نصاً) في الدلالة (وخالفه) أي عمل ذلك الصحابي بخلافه (تعين النسخ عنده) أي عند الصحابي بناسخ اطلع عليه هو ورآه ناسخاً؛ لأنه يستحيل من العدل العارف ترك العمل بنصٍ لا ناسخ له، (والمختار العمل) لوجوب قبول رواية العدل وفعله غير واجب اتباعه.

  وقال ابن الحاجب: وفي العمل نظر، قال شارح مختصره: فيمكن أن يقال: يعمل بالخبر إذ ربما ظن ناسخاً ولم يكن، وأن يقال: يعلم بالناسخ؛ لأن الخطأ فيه بعيد.

  قال سعد الدين: وتقرير المتن أن فيه نظراً، أنه يعمل بالنص الذي رواه، أو بالناسخ الذي دلَّ عليه عمله، وتقرير غيره أن في جواز العمل بمثل هذا النص نظراً، لأنه فوق الظاهر، وهو لا يترك إذا عمل الراوي بخلافه، فهذا أولى.

  فإن قيل: النص قوي لا يترك إلا الناسخ بخلاف الظاهر، فإنه ربما يترك للاجتهاد.

  قلنا: ربما يظن غير الناسخ ناسخاً فيترك النص مع أنَّ الواجب اتباعه ولا يخفى أن ما ذكر - يعني الشارح - من وجه النظر أنه إنما يدل على أن النظر إنما هو في ترك العمل به لا في جوازه.