(فصل): في ذكر انقسام القياس بحسب موقعه واستعماله وفائدته وجامعه وظهوره وخفاءه
  يقال: إن الصوم إنما لزم في الاعتكاف لكونه شرطاً فيه لا غير، وهذا هو المطلوبُ، فحصل من مجموع ما ذكرناه أن هذا القياس مقبول لكونه راجعاً إلى ما ذكرناه.
  (ورده ابن زيد وبعض الأصوليين) كالبيضاوي وغيره، قالوا: لأن أصول الفقه إنما نتكلم فيها على القياس المستعمل في الفقه، وإنما استعمل الفقهاء قياس العلة، وأمَّا ما عداه كالتلازم والإقتراني فإن الذي يسميهما قياساً المنطقيون، وقياس العكس من قبيل التلازم، وصورة التلازم كقولنا: إن كان هذا إنساناً فهو حيوان لكنه ليس بحيوان فليس بإسنان، ويسمى قياس التلازم الاستثنائي، وصورة الاقتراني كل جسم مؤلف وكل مؤلف محدث، فيصح كل جسم محدث، وسمي القياس الاقتراني.
  ومثل قول هؤلاء قال الرازي، قال في المحصول: وهو في الحقيقة تمسك بنظم التلازم وإثبات لإحدى مقدمتي التلازم بالقياس، فإنا نقول: لو لم يكن الصوم شرطاً للاعتكاف لم يصر شرطاً له بالنذر، لكنه يصير شرطاً له بالنذر فهو شرط له مطلقاً، فهذا تمسك بنظَم التلازم، واستثناء لنقض التلازم لا يباح نقيض الملزوم، إنما تثبت المقدمَة الشرطية بالقياس بأن ما لا يكون شرطاً للشيء في نفسه لم يصر شرطاً له بالنذر كما في الصلاة، وهذا قياس الطرد لا قياس العكس.
  (فإن أريد جمعهما) أي قياس الطرد والعكس (بحد واحد قيل: تحصيل مثل حكم الأصل ونقيضه لاشتراكهما في علة الأصل أو لافتراقهما فيها) فقد دخل في هذا القياسان كما ترى.
  بيان دخول قياس الطرد: أن نأخذ حده من هذا الحد ونقول: تحصيل مثل حكم الأصل في الفرع لاشتراكهما في علة الأصل.
  وبيان دخول قياس العكس: أن نأخذ حده كذلك فنقول: تحصل نقيض حكم الأصل في الفرع لافتراقهما في علة الأصل.
(فصل): في ذكر انقسام القياس بحسب موقعه واستعماله وفائدته وجامعه وظهوره وخفاءه
  وقد أشار إلى الأول بقوله:
  (وينقسم القياس باعتبار موقعه) أي ما يقع فيه القياس من المسائل (إلى: عقلي، ومورده المسائل العقلية) كمسائل العدل والتوحيد، كما يستدل على احتياج العالم إلى محدثٍ بعد أن يثبت كونه محدثاً بالقياس على أفعالنا، فإنها لما كانت محدثة احتاجت إلينا، كذلك العالم لما كان محدثاً احتاج