(فصل): [في الأحكام التي يجوز ثبوتها بالقياس]
  لم يتمكن من الاستدلال عليها إلاَّ مكلف واحد، فلا معنَى لعدِّ تعلم العلم مندوباً قط؛ لأن الدلالة على وجوب تعلم العلم وكونه من فروض الكفاية لم يفصل بين مالم يحدث وبين ما حدث مما يقوم الغير فيه مقامه. انتهى.
  وبهذا يتضح لك أن ليس للخلاف موقعاً، أمَّا بيننا وبين أبي علي فظاهر، وأمَّا بيننا وبين أبي الهذيل فلأنه لا يدخل تحت قوله كما ذكره بعضهم الواجب لاستمراره، فالقول أنه منع تسميته بذلك، لقوله: لا يوصف بذلك إلاَّ المستمر ليس على ما ينبغي.
  وفي قول السيد (مما يجوز حدوثه) إشارة إلى أن ما لا يجوز أن يحدث فإنه يعلم علمه أشبه بالمباح، كأن ينظر الناظر في شريعة نبي لو قدر تعيينه بعد نبينا محمد ÷ وما يتعلق بها من تحليل وتحريم ونحو ذلك.
(فصل): [في الأحكام التي يجوز ثبوتها بالقياس]
  في بيان أنه لو ثبت حجيته كالنص، لكن ليس مثله في كل شيء، ولذلك حكمنا بأنه (يمتنع ثبوت كل الأحكام الشرعية به) أي بالقياس بحيث لا يكون عليها دليل غيره (لأدائه إلى الدور) وذلك لأنه إذا قيس الفرع على الأصل والأصل على الفرع، كإقاسة الذرة على البر والبر على الذرة في تحريم التفاضل كان دوراً مطلقاً وهو باطل، (أو التسلسل) وذلك حيث لا يحكم بإقاسة كل من الفرع والأصل على صاحبه، بل أقسنا الفرع على الأصل والأصل على أصل آخر، وكذلك ذلك إلى ما لا نهاية له واستحالة هذين القسمين معلومة (بخلاف النص) فإنه يجوز ثبوت جميع الأحكام به كأن ينص على الحوادث على سبيل الجملة فيدخل فيها التفصيل، كأن ينص على تحريم الربا في كل مكيل وموزون وغيره مما قدمنا؛ لأنه لا يؤدي إلى دورٍ ولا تسلسل، (ولأن فيها) أي الأحكام (ما لا يعقل معناه) كضرب الدية على العاقلة فثبوت القياس في مثله متعذر لما علم أن القياس فرع تعقل المعنى المعلل به في الأصل.
  (ويجري) القياس (عند أئمتنا والشافعية في كل مسائل الفروع) فأمَّا أصول العبادات فلا يجري فيها عند الحفيد والجبائي والكرخي، وذلك كإيجاب الصلاة بالإيماء في حق العاجز عن الإتيان بها، بالقياس على إيجاب الصلاة قاعداً في حق العاجز عن القيام، والجامع بينهما هو العجز عن الإتيان بها على