(فصل): [في أركان القياس]
  وقد يقال: إنا نفرض الكلام فيما يخلو عن مثل هذه القرينة، ومع ذلك يفهم العموم وما ذكر من احتمالِ اختصاص الأحكام ببعض المحال لا يدفع ظهور العموم كاحتمال التخصيص في كل عامٍ.
  قالوا: لو لم يكن ذكر العلة لتعميم الحكم في محال ثبوتها لعري عن الفائدة؛ إذ لا فائدة في ذكر العلة وتعريفها إلاَّ اتباعها بإثبات الحكم فيما يثبت، واللازم منتفٍ؛ لأن فعل الآحاد لا يخلو عن فائدة فكيف بالشارع.
  قلنا: لا نسلم العري عن الفائدة؛ إذ لا فائدة وإنما يلزم لو انحصرت الفائدة في التعميم، ولم لا يجوز أن يكون فائدته أن يتعقل المعنى المقصود من شرعية الحكم في تلك المحال، ولا يكون التعميم إلا بدليل يدل عليه.
(فصل): [في أركان القياس]
  أركان الشيء: أجزاؤه في الوجود التي لا يتحصل إلاَّ بحصولها.
  (و) القياس (أركانه) التي لا يتحصل إلا بحصولها (أربعة): الأول (الأصل و) الثاني (حكمه و) الثالث (الفرع و) الرابع (العلة) لأنها المأخوذة في حقيقته حيث يفسر بمشاركة فرع الأصل في علة حكمِه، وهذا كما يقال: أركان التشبيه أربعة: المشبَّه والمشبه به ووجه الشبه والأداة.
  فإن قيل: أهملتم خامساً وهو حكم الفرع.
  قلنا: قد أجاب الآمدي وتبعه المؤلف بقوله: (فأمَّا حكم الفرع فهو ثمرة القياس، فلو جعل ركناً فيه لتوقف) حكم الفرع (على نفسه) وهو دور.
  قال الأسنوي: وفيه نظر، فإن ثمرة القياس إنما هو العلم بالحكم لا نفس الحكم، فالأولى أن يجاب بأن حكم الفرع في الحقيقة هو حكم الأصل، وإن كان غيره باعتبار المحل.
  (فالأصل لغة: ما تفرع عليه غيره) وقد تقدم الكلام فيه.
  (واختلف فيه اصطلاحاً: فعند الأصوليين والفقهاء: أنه محل الحكم المشبه به) الذي يثبت فيه الحكم، ونقل ابن الحاجب هذا عن الأكثر.
  قال الآمدي: وهو الأشبه لافتقار النص والحكم إلى المحل بالضرورة من غير عكسٍ.
  وقال (أبو طالب والمنصور) بالله (والشيخ) الحسن (والمتكلمون: بل دليله، وقيل: بل حكمه، وقيل: العلة الثانية في محل الوفاق) وهو المشبه به، فإذا قلنا: النبيذ مسكر فيحرم قياساً على