الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الكلام في السبب]

صفحة 370 - الجزء 2

  (و) الثاني: (أنها) أي الشرعية (قد تعلم قبل حكمها) قال المهدي: فإنا لا نعلم وجوب الحد على الزاني إلا بعد أن علمنا وقوع الزنا منه.

  قال الإمام الحسن: وقد تنازع في عدم تقارن العلمين.

  (بخلاف العقلية) فإنها لا تعلم إلا بعد أن قد علم الحكم الموجب عنها؛ لأنه الطريق إليها والدليل عليها، فإنا لا نعلم الحركة إلا بعد العلم باحتراك الجسم مع الجواز.

  (و) الثالث: (أنه يجوز) في الشرعية (وقوفها) في تعقبها على الحكم (على شرط) غير وجودها، إمَّا (مقارن) وجود ذلك الشرط، كالعقد فإنه علة في انتقال الملك بشروط معروفة مقارنة له، (أو متقدم عليها) كالزنا فإنه علة في الرجم، وهو موقوف على شرط متقدم وهو الإحصان، (بخلاف العقلية) فإنها لا تقف في إيجابها المعلول على شرط.

  لا يقال: إن إيجابها يقف على شرط وهو وجودها، فلا يفترقان من هذا الوجه.

  لأنا نقول: إن وجودها ليس شرطاً في إيجابها، وإنما هو شرط لحصولها على صفتها المقتضاة، التي لأجلها يوجب موجبها، فلو وقفت على شرط غير ذلك لم يكن إيجابها له لذاتها، وفي ذلك قلب جنسها.

  (و) الرابع: (أن العقلية لا تتعدى) إلى فرع بل تكون قاصرة، كتعليل كونه عالماً بأن عالميته لذاته فلا يصح مثل ذلك في غيره، (وفي كون الشرعية لا تتعدى خلاف يأتي إن شاء الله تعالى).

  ومن الفروق: أن العقلية تقارن معلولها أي يكون وقت وجودها، وثبوت معلولها واحداً لا يصح فيه اختلاف الوقت؛ لأنها توجبه لما هي عليه في ذاتها، فلو تراخى عنها لخرجت عما هي عليه في ذاتها، وهو محال؛ لأن في ذلك انقلاب ذاتها، وليس كذلك الشرعية فإنها إنما هي باعثة لا موجبة، فضلاً عن أن يكون إيجابها لما هي عليه في ذاتها.

(فصل): [في الكلام في السبب]

  ولما كان السبب يشبه العلة تعرض لذكره فقال:

  (والسبب لغة: ما يتوصل به إلى غيره) من طريق أو حبل أو غيره، فالطريق لما كان مؤدياً إلى بلوغ الغرض، والحبل لما كان موصولاً إلى الاستقاء كان سبباً، قال الله تعالى {ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ٨٩} وقال: {فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ}، قال الفرزق: