الدراري المضيئة الموصلة إلى الفصول اللؤلؤية،

صلاح بن أحمد المؤيدي (المتوفى: 1044 هـ)

(فصل): [في الكلام في الشرط]

صفحة 373 - الجزء 2

  عند الحيض، والفهم يتبادر إلى أن المانع هو خروج الدم لما فيه من الأذى، كما قال الله تعالى {وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ}، وهذا بخلاف الأحكام الأُوَل؛ إذ لا مناسبة بين خروج الدم وبين البلوغ وخلو الرحم من الولد، وانقضاء العدة، وإنما خروج الدم علامة لحصول هذه الأحكام، قال: وأطلق الأصحاب أنه دليل على هذه الأحكام، والأجود أنه سبب، لأن الأصوليين يسمون علامة الحكم سبباً، وقل ما يسمونها دليلاً. انتهى.

(فصل): [في الكلام في الشرط]

  لما فرغ من ذكر السبب أخذ في ذكر الشرط للمناسبة بينهما وبينه وبين العلة فقال:

  (والشرط لغة: العلامة) على الشيء، يقال: هذا شرط في كذا أي علامة عليه، قال الله تعالى {فَقَدْ جَاءَ أَشْرَاطُهَا}⁣[محمد: ١٨]، أي علاماتها، والشرطي: وهو الذي يجعل عوناً للسلطان، ويرصد له جمع الأموال، ووضع الضرائب على الرعايا أشهراً معلومة، إنما سمي شرطياً لتعريفه نفسه بعلامة مخصوصة، وهي زي يتميز به من الناس، قال بعضهم: والمراد العلامة التي لها تعلق لا مجرد العلامة، فإن ما نصب في الطريق علماً عليها، لا يقال: إنه من أشراط الطريق.

  (واصطلاحاً: ما يقف عليه وجود علة الحكم) وليس علة للحكم ولا جزء له، وذلك (كالعقل) فإنه شرط (في) صحة (البيع) أعني أنه شرط في كون الإيجاب والقبول علة لملك المبيع وصحة العقد، (أو) الشيء الذي يقف عليه (تأثيرها) أي العلة (فيه) وذلك (كالإحصان) فإنه شرط في الرجم؛ لأنه يقف عليه تأثير الزنا في الرجم، وكالحرز في السرقة فإن تأثيرها موقوف عليه، وغير ذلك من الأمور المعتبرة في تأثير الأسباب.

  واعلم أن حد الشرط هذا غير جامع؛ إذ قد يكون الشرط لغير العلة، فلو قيل: شرط الشيء: ما لا يوجد ذلك الشيء بدونه، لكان جامعاً، وليس المراد حد شرطها ليس إلاَّ أذن لقيل شرط العلة، اللهم إلا أن يقال: ذكر العلة في الحد مشعر بإرادة الخصوص.

  (وينقسم) الشرط إلى أقسام، منها ما يكون (باعتبار نفسه) وقد قسمه (إلى شرط) في (وجود العلة كالأول) وهو ما يقف عليه وجود علة الحكم.

  (و) إلى (شرط في تأثيرها في الحكم كالثاني) وهو ما يقف عليه تأثيرها.