(فصل): [في الكلام في المانع]
  (أو) يكون (الشرط عقلياً والحكم شرعياً)، وذلك (كالقدرة على التكاليف الشرعية)، ولا يكون الشرط شرعياً والحكم عقلياً، إذ لا يتوقف وجود العقلي ولا تأثيره على الشرعي، لأن حكم العقلي ثابت قبله كما هو معروف، (خلافاً لأبي الحسين والشيخ) الحسن بناء على أصلهما من أن العقلي إذا طابقه الشرعي فإنه عقلي من غير تفصيل كما أسلفناه، (ومثلاه بشروط البيع) من الإيجاب والقبول وغيرهما، فقالا: هي شروط شرعية؛ لأن الطريق إليها الشرع، وهي شروط (في) حكم عقلي وهو (وقوع الملك) فإن العقل يقضي بأنه إذا حصل الإيجاب والقبول حصل الملك، هذا قولهما (وفيه نظر؛ لأنهما) أي الشروط التي للبيع ووقوع الملك به (شرعيان) جميعاً، وقولهما إن العقلي يقضي بحصول الملك مع الشروط غير مسلم؛ لأن العقل إنما يدل على الأمور الذاتية للشيء كالحسن والقبح ونحوهما، ووقوع الملك بالبيع مع الشروط غير هذا.
  وأيضاً فالذي يقضي العقل به أن من صير إلى غيره شيئاً برضاه فإنه يكون أخص به وأحق؛ لأنَّه يملك التملك الشرعي على ما ورد به المتفرع، فكانت الشرائط شرعية والتملك المخصوص شرعي لا عقلي، وأيضاً فعلى تسليم أنه عقلي فالشرع إذا ورد بحكم وكان به طباق ما في العقل مما يجوز أن يغيره الشرع فإن الحكم الذي هذه صفته يكون شرعياً لا عقلياً كما بينَّا ذلك آنفاً.
  (وقد يكون الشرط الواحد شرطاً في حكم واحد اتفاقاً) بين العلماء وذلك (كالإحصان) فإنه شرط في حكم واحد وهو الرجم.
  (و) قد يكون الشرط الواحد شرطاً (في أحكام على الأصح كالعقل) فإنه شرط في الواجبات والمندوبات الشرعيَّة؛ إذ لا شرع مع عدمه، وقوله: على الأصح إشارة إلى ما حكاه ابن أبي الخير عن بعضهم أن من حق الشرط أن يكون شرطاً في شيء بعينه، ولا يكون شرطاً في غيره، وحكى كلام المؤلف عن الأكثر، وألزم القائل بهذه المقالة أن لا يكون العقل شرطاً لتوقف أحكام كثيرة عليه.
(فصل): [في الكلام في المانع]
  لما فرغ من ذكر الشرط أخذ في بيان المانع لما لا يخفى من المناسبة لذكره هنا، فقال:
  (والمانع لغة: الدافع) يقال: منعته عن كذا أي دفعته عنه.