عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح

صفحة 4 - الجزء 1

  وبين التعقيد والتجريد كما فعل عبد القاهر في كتابه أسرار البلاغة، غير أنه قد اضطرب الزمام في يده في دلائل الإعجاز لانشغاله بالرد على متكلمة زمانه والسابقين عليه.

  وبعد هذه المقدمة أقول:

  إن لكل مرحلة إذا طبيعتها من حيث منهج التأليف سواء في علوم البلاغة أو غيرها من العلوم، وإنه لمن الظلم الواضح البين أن نحاكم مؤلفات القرن الثامن الهجري وما بعده - حيث شروح التلخيص والمفتاح على كثرتها - إلى المناهج الحديثة في الدرس البلاغي، فلكل عصر طبيعته ومنهجه.

  وينبغي ألا يصدنا ذلك عن الاهتمام بتحقيق تلك المصادر وتنقيحها وإعادة طبعها ونشرها على الوجه العلمي اللائق بها، حيث تبدو أهميتها في كونها حلقة من حلقات التراث البلاغي الذي إن فقدنا حلقة منه انقطع إسناده إلينا.

  وكما ينبغي على راوي الحديث أن يثبت سلسلة الإسناد بكل رواتها دون نظر إلى حالهم من حيث العدالة أو التجريح، فكذلك تقتضى الأمانة العلمية إظهار التراث البلاغي بكل حلقاته كما هي بما فيها من ضعف أو قوة.

  وأخيرا نقول: إن هذه المؤلفات قد أثرت تأثيرا كبيرا في الإنتاج اللاحق بها، ولا يمكن تفسير ذلك الإنتاج وفهمه على وجه الصواب، إلا بعد الاصطبار على تلك المصنفات ومحاولة فهمها واستيعابها مهما لقى الباحث في سبيل ذلك من معاناة، وبذل من جهد.

  ولذا فنحن نقدم لدارس البلاغة كتاب عروس الأفراح في ثوب قشيب يليق بجلالته، وبما ترك من تأثير كبير في التأليف البلاغي بعده، وبما أثاره من مباحث وقضايا عديدة في التراث البلاغي.

  ولقد ذاع صيت السبكي صاحب هذا الكتاب بمصنفه هذا، وبلغت شهرته الآفاق، فحرىّ بنا أن نقف على ما فيه حتى تكتمل لدينا حلقات تراثنا البلاغي وحتى يتصل إلينا إسناده على حقيقته من قوة أو ضعف.

  هذا وقد حاولنا جهدنا في ضبط الكتاب على نسخه القديمة العتيقة، مع مراجعة بعض نسخه المخطوطة بدار الكتب المصرية.