الفن الثاني علم البيان
  وتختصّ(١) الأولى بالمطابقة، والثانية بالتضمّن، والثالثة بالالتزام. وشرطه اللزوم الذهني ولو لاعتقاد المخاطب بعرف عام أو غيره.
  ولا خلاف أن الدلالات الثلاث لفظيات، بمعنى أن للفظ فيها مدخلا، وهو شرط في استفادتها منه. وإنما الخلاف في أن اللفظ موضوع لها أو لا.
  (قلت): وعندي أن هذا الخلاف لا تحقيق له؛ لأنه إن عنى بالوضع، أنه بقيد الاقتصار، فلا خلاف أنه ليس كذلك. وإن عنى بقيد الانضمام، فلا خلاف أن الأمر كذلك. لم يبق إلا أن يقال: موضوع للهيئة الاجتماعية من الأجزاء أو لا. فعلى الأول، يكون الجزء كالشرط للموضوع، لا يلاقيه الوضع. وعلى الثاني بخلافه.
  ص: (وتقيد الأولى بالمطابقة، والثانية بالتضمن، والثالثة بالالتزام).
  (ش): سميت الأولى مطابقة؛ لتطابق اللفظ والمعنى، والثانية دلالة تضمن؛ لتضمن الكل لجزئه، والثالثة الالتزام؛ لما فيها من الاستلزام.
  ص: (وشرطه اللزوم الذهني ولو لاعتقاد المخاطب لعرف أو غيره).
  (ش): الضمير عائد على الالتزام، والمراد دلالته، واللزوم الذهني لا إشكال في دلالة اللفظ عليه. وأما الخارجي فاختلف في دلالة اللفظ عليه، فالمنطقيون يشترطون الذهني؛ لأن الدلالة إما من وضع اللفظ، أو من انتقال الذهن إلى اللازم، وهما منتفيان في الخارجي. ولا يشترطون الخارجي؛ لحصول الفهم دونه، كالعدم، والملكة مثل:
  دلالة العمى على البصر.
  وذهبت جماعة إلى اعتبار اللزوم مطلقا. قال في الإيضاح: الخلاف في ذلك بعيد، ولعل المانع إنما منع اشتراط اللزوم العقلي لا الذهني. وقد أطلنا الكلام في ذلك في شرح المختصر.
  (قوله: ولو لاعتقاد المخاطب بعرف أو غيره) أي: لا يشترط اللزوم العقلي، الذي لا يتصور انفكاكه، بل لو اقتضى العرف العام أو الخاص ملازمة أمر لآخر، واطرد ذلك بحيث صار استحضار أحدهما مستلزما للآخر، كنفي ذلك في اللزوم الذهني. قال الشارح كان ينبغي أن يقول: لاعتقاد المتكلم لأن الملازمة من جهته.
  (قلت): ليس كذلك؛ بل الدلالة كون اللفظ، بحيث يفهم منه المخاطب ذلك. ثم من أين لنا أنه لم يقل: المخاطب بكسر الطاء؟ إلا أن كلامه في الإيضاح يوضح إرادة السامع.
(١) وفي بعض النسخ (وتقيد).