الفن الثاني علم البيان
  واختار ردّ التبعيّة إلى المكنىّ عنها، بجعل قرينتها مكنيّا عنها، والتبعيّة قرينتها، على نحو قوله في المنية وأظفارها.
  وردّ: بأنه إن قدّر التبعية حقيقة، لم تكن تخييلية؛ لأنها مجاز عنده، فلم تكن المكنىّ عنها مستلزمة للتخييلية؛ وذلك باطل بالاتفاق؛ وإلّا فتكون استعارة، فلم يكن ما ذهب إليه مغنيا عما ذكره غيره.
  رد الاستعارة التبعية إلى الاستعارة المكنية: ص: (واختار رد التبعية إلخ).
  (ش): هذا اعتراض على السكاكى، وهو أنه اختار رد الاستعارة التبعية، أي الواقعة في الحروف والمشتقات من المصادر إلى المكنى عنها، أي أن التبعية قسم من المكنية، أي بأن تجعل قرينتها، أي ما أسند إليه مثلا تلك التبعية مكنيا عنها، وتجعل التبعية قرينتها أي تخييلية على نحو ما قال في «المنية» و «أظفارها» في بيت الهذلي، فيكون معنى قولنا: «نطقت الحال» أن الحال عبر بها عن المتكلم بادعاء دخوله في جنس المتكلمين، وقولنا: «نطقت» تخييلية، وقد رد المصنف عليه بأنه إن قدر التبعية حقيقة يلزم أن لا تكون تخييلية، لأن التخييلية عند السكاكى مجاز، وإذا كانت حقيقة لا تكون تخييلية، فيلزم أن لا تكون المكنى عنها مستلزمة للتخييلية، وذلك باطل بالاتفاق، يعنى أن وجود المكنية دون التخييلية باطل بالاتفاق، بخلاف وجود التخييلية دون المكنية فإنه جائز عند السكاكى ممتنع عند المصنف، كما سبق، وقد رد عليه الخطيبي: بأنا لا نسلم الاتفاق على أن المكنية تستلزم الخيالية؛ لأن المصنف يرى أن المجاز العقلي استعارة بالكناية، وليس مستلزما للخيالية. قلت: والجواب صحيح، وبرهانه أن السكاكى ذكره في آخر الكلام على المجاز العقلي أنه عنده استعارة بالكناية، وأن المكنى عنها تنقسم إلى: ما قرينتها أمر وهمى «كالأنياب» في قولنا:
  «أنياب المنية» أو أمر محقق «كالإنبات» في قولنا: «أنبت الربيع البقل» لا يقال: فقد قال السكاكى: إن الاستعارة بالكناية لا تنفك عن التخييلية؛ لأنه قال على تفصيل سنذكره في آخر الفصل، وهذا هو التفصيل الموعود به، وقال الخطيبي في شرح المفتاح:
  إنه يمكن أن تكون «التخييلية» موجودة في «أنبت الربيع» فيكون تشبيه الإنبات على سبيل التخييل، وهو فاسد، فإن ذلك مجاز إسنادي، ونحن إنما نتكلم في الاستعارة التخييلية التي هي قسم من مجاز الإفراد. قوله: (وإلا) أي وإن لم يقدر التبعية