وهي ضربان: معنوى، ولفظي:
التورية
  ومنه: التورية، وتسمّى الإيهام أيضا؛ وهي أن يطلق لفظ له معنيان، قريب وبعيد، ويراد البعيد؛ وهي ضربان:
  مجرّدة: وهي التي لا تجامع شيئا مما يلائم القريب؛ نحو: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى}(١).
  ومرشّحة؛ نحو: {وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ}(٢)
  التورية: ص: (ومنه التورية إلخ).
  (ش): أي من المعنوي التورية، وهي مصدر وريت الخبر، إذا سترته وأظهرت غيره، كأنه مأخوذ من وراء الإنسان كأنه يجعله وراءه حيث لا يظهر، ويسمى أيضا الإيهام، وهو أن يطلق لفظ له معنيان: قريب، وبعيد، ويراد البعيد، والمراد بقولنا:
  قريب، وبعيد، قريب الفهم وبعيده، فإن المعنى نفسه لا يوصف ببعد ولا قرب والمراد بالمعنيين أكثر من معنى، واعلم أن قولهم: لفظ له معنيان يراد البعيد، يتأتى بأن يكون اللفظ له حقيقة ومجاز، فيراد مجازه، وإن كان غير راجح، أو حقيقته المرجوحة إن كان مجازه راجحا، أو يكون مشتركا، ويغلب استعماله في أحدهما، بحيث يصير الذهن يتبادر إليه دون الآخر، ثم قسم المصنف التورية إلى قسمين: مجردة، ومرشحة، فالمجردة هي التي لا تجامع شيئا مما يلائم القريب المورى به، ومثله بقوله تعالى: {الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى} فإن معناه القريب المورى به ما يقتضيه ظاهر لفظ «استوى» ومعناه البعيد المراد المورى عنه القدرة والملك. كذا قالوه، وفيه نظر؛ لأن لفظ «على» يلائم المعنى القريب المورى به عن المراد، فإن على حقيقتها الاستعلاء الحسى الذي ليس بمراد، والمرشحة هي التي قرنت بما يلائم المورى به، إما قبله أو بعده، ومثله بقوله تعالى: {وَالسَّماءَ بَنَيْناها بِأَيْدٍ} أي بقوة. كذا قال المصنف، وشرحوه على أن المراد أن بأيد تورية مرشحة بما يلائمها، وهو البناء، والظاهر أن المراد أن بأيد جمع يد بمعنى القوة، فيكون أريد بالأيدي «القوى»، وهو معناها المراد البعيد، ومعناها القريب غير المراد «الجارحة» قلت: وفيه نظر، لأن قوله تعالى: {بِأَيْدٍ} له معنيان: «القوة» فيكون مفردا وجمع «يد» وهما معنيان مستويان، ليس أحدهما قريبا والآخر بعيدا، وكل
(١) سورة طه: ٥.
(٢) سورة الذاريات: ٤٧.