عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

المحسنات اللفظية

صفحة 335 - الجزء 2

  كقوله [من الوافر]:

  على أنّى سأنشد عند بيعى ... أضاعونى وأىّ فتى أضاعوا؟

  وأحسنه ما زاد على الأصل بنكتة؛ كالتورية والتشبيه في قوله [من الطويل]:

  إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها ... تذكّرت ما بين العذيب وبارق

  ويذكرني من قدّها ومدامعى ... مجرّ عوالينا ومجرى السّوابق

  ولا يضرّ التغيير اليسير. وربّما سمى تضمين البيت فما زاد: استعانة،


  على أنّى سأنشد عند بيعى ... أضاعونى وأىّ فتى أضاعوا⁣(⁣١)

  فإن النصف الثاني قيل: للعرجى، وقيل: لأمية بن أبي الصلت وتمامه:

  ليوم كريهة وسداد ثغر⁣(⁣٢)

  فقد نبه على تضمينه بقوله: أنشد، فإن الإنشاد إنما يكون لشئ قد سبق نظمه، وقوله: «تضمين شئ من شعر الغير» فيه نظر، فإنه ربما ضمن الإنسان شعره شيئا نظمه من شعر سابق ولا يشترط في التضمين أن يكون بعض بيت، فربما ضمنت القصيدة البيت، أو البيتين من شعر الغير. (وأحسنه) أي التضمين (ما زاد) وينبغي أن يقول:

  ما زاد فيه المضمن، (على الأصل بنكتة، كالتورية، والتشبيه في قوله) أي صاحب التحبير:

  إذا الوهم أبدى لي لماها وثغرها ... تذكرت ما بين العذيب وبارق

  ويذكرني من قدها ومدامعى ... مجرى عوالينا ومجرى السوابق⁣(⁣٣)

  فإن المصراعين الثانيين لأبى الطيب، وقد زاد عليهما لتضمن الأول التورية، والثاني التشبيه، كذا قالوا، وفيه نظر، لأن المصراع استعارة لا تشبيه، إلا أن يريد التشبيه المعنوي (ولا يضر) في التضمين (التغيير اليسير، وربما سمى تضمين البيت، فما زاد استعانة،


(١) البيت للحريرى، انظر عقود الجمان (٢/ ١٨٨)، وانظر الإشارات ص ٣١٨.

(٢) هو الشطر الأول للبيت السابق، قيل: إنه للعرجى، وقيل: لأمية بن أبي الصلت، انظر الجمان ٢/ ١٨٨ والإيضاح ص: ٣٦٣.

(٣) البيت لصاحب التحبير وهو لزكى الدين بن أبي الأصبع، انظر الإشارات ص ٣١٨، وانظر عقود الجمان (٢/ ١٨٩).