عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

الجزء الثاني أحوال المسند

صفحة 368 - الجزء 1

  وظرفيّتها: لاختصار الفعلية؛ إذ هي مقدّرة بالفعل؛ على الأصح.

  وأما تأخيره:

  فلأنّ ذكر المسند إليه أهمّ؛ كما مر.


  (قلت): والوجهان بناء على أن سلاما محكى منصوب بفعل، وفى الآية قول: إنه مفعول بقالوا أو مطلقا، والمعنى قولا سلاما. قلت: والمسند هنا ليس جملة فلذلك قلنا:

  إن المراد تعليل إتيان الجملة فعلية مطلقا وعلى التفصيل بين الاسمية والفعلية جاء قوله تعالى: {سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ}⁣(⁣١) أي: تجدد دعائكم أم صمتكم المستمر؛ لأن الصمت عندهم هو الذي كان عادة مستمرة، وكذلك: {قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ}⁣(⁣٢) أي: هل أحدثت لنا ما لم تكن تألفه أم أنت على اللعب الذي كان مستمرا من الصغر على زعمهم. وأما قوله تعالى: {وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}⁣(⁣٣) بعد من يقول: آمنا، فالمراد إخراج ذواتهم من جنس المؤمنين مبالغة في تكذيبهم؛ ولهذا أطلق مؤمنين وأكد بالباء، ونحوه: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها}⁣(⁣٤). وقد يقال عليه: إن الاسم إذا كان دالا على الثبوت وعلى النسبة كيف يدل نفيه على نفى كل منهما، ونفى الأخص أعم من نفى الأعم؟

  وأما شرطية الجملة فلما مر، وقوله: (وظرفيتها) لاختصار الفعلية مثاله: زيد عندك أبوه، أو زيد عندي، أو في الدار وأن التقدير: استقر في الدار فهو لاختصار ذلك، وقد بناه المصنف على رأيه من أنها مقدرة بفعل، والجمهور أنها مقدرة باسم. وقول المصنف:

  (ظرفية الجملة) على هذا الشرح لا يصح؛ لأن الظرف ليس بجملة إلا إذا قلنا في: زيد عندك أبوه: إن العمل للظرف نفسه، بل الظرف على هذا ليس بجملة، إنما هو جزء الجملة، وكأنه يعنى بظرفية الجملة أن ينطق بظرفيتها.

تأخير المسند:

  ص: (وأما تأخيره فلأن ذكر المسند إليه أهم كما مر).

  (ش): هذا واضح وقد تقدم ذكره؛ لأن كل ما اقتضى تقدم المسند إليه من كونه الأصل وغيره اقتضى تأخير المسند.


(١) سورة الأعراف: ١٩٣.

(٢) سورة الأنبياء: ٥٥.

(٣) سورة البقرة: ٨.

(٤) سورة المائدة: ٣٧.