الجزء الثاني أحوال المسند
  وظرفيّتها: لاختصار الفعلية؛ إذ هي مقدّرة بالفعل؛ على الأصح.
  وأما تأخيره:
  فلأنّ ذكر المسند إليه أهمّ؛ كما مر.
  (قلت): والوجهان بناء على أن سلاما محكى منصوب بفعل، وفى الآية قول: إنه مفعول بقالوا أو مطلقا، والمعنى قولا سلاما. قلت: والمسند هنا ليس جملة فلذلك قلنا:
  إن المراد تعليل إتيان الجملة فعلية مطلقا وعلى التفصيل بين الاسمية والفعلية جاء قوله تعالى: {سَواءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صامِتُونَ}(١) أي: تجدد دعائكم أم صمتكم المستمر؛ لأن الصمت عندهم هو الذي كان عادة مستمرة، وكذلك: {قالُوا أَجِئْتَنا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ}(٢) أي: هل أحدثت لنا ما لم تكن تألفه أم أنت على اللعب الذي كان مستمرا من الصغر على زعمهم. وأما قوله تعالى: {وَما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ}(٣) بعد من يقول: آمنا، فالمراد إخراج ذواتهم من جنس المؤمنين مبالغة في تكذيبهم؛ ولهذا أطلق مؤمنين وأكد بالباء، ونحوه: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنْها}(٤). وقد يقال عليه: إن الاسم إذا كان دالا على الثبوت وعلى النسبة كيف يدل نفيه على نفى كل منهما، ونفى الأخص أعم من نفى الأعم؟
  وأما شرطية الجملة فلما مر، وقوله: (وظرفيتها) لاختصار الفعلية مثاله: زيد عندك أبوه، أو زيد عندي، أو في الدار وأن التقدير: استقر في الدار فهو لاختصار ذلك، وقد بناه المصنف على رأيه من أنها مقدرة بفعل، والجمهور أنها مقدرة باسم. وقول المصنف:
  (ظرفية الجملة) على هذا الشرح لا يصح؛ لأن الظرف ليس بجملة إلا إذا قلنا في: زيد عندك أبوه: إن العمل للظرف نفسه، بل الظرف على هذا ليس بجملة، إنما هو جزء الجملة، وكأنه يعنى بظرفية الجملة أن ينطق بظرفيتها.
تأخير المسند:
  ص: (وأما تأخيره فلأن ذكر المسند إليه أهم كما مر).
  (ش): هذا واضح وقد تقدم ذكره؛ لأن كل ما اقتضى تقدم المسند إليه من كونه الأصل وغيره اقتضى تأخير المسند.
(١) سورة الأعراف: ١٩٣.
(٢) سورة الأنبياء: ٥٥.
(٣) سورة البقرة: ٨.
(٤) سورة المائدة: ٣٧.