أنواع الإنشاء
  وب أىّ عما يميّز أحد المتشاركين في أمر يعمّهما؛ نحو: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً}(١) أي: أنحن أم أصحاب محمّد (#)؟.
  النوع والجنس بأن كلا منهما مقول في جواب ما هو، بخلاف الفصل والخاصة والعرض العام، وقد يجاب عنه بأن مراد السكاكى أنها قد تخرج عن حقيقتها، فيستفهم بها عن الصفات، وهذا لا ينافي كلام المنطقيين فإنهم إنما يتكلمون في موضع اللفظ الحقيقي، وما ذكره السكاكى يوافق كلام ابن الشجري فإنه قال: يقال: ما معك؟ فتقول: درهم أو ثوب أو فرس، ويقال: من معك؟ فتقول: زيد، فيقال بعد ذلك في السؤال في صفته: فما زيد؟
  فتقول: رجل فقيه أو طويل أو بزاز انتهى. ولم يذكر المصنف أن «من» يسأل بها عن الوصف، وقال بعض الشارحين: إن «من» يسأل بها عن الوصف، كما يسأل بما، إذ لا فرق بينهما إلا إن ما لما لا يعقل. قلت: وهذا الفرق يلجئ إلى أنها لا يسأل بها عن الوصف؛ لأن الوصف ليس بعاقل، فلا يسأل عنه بمن التي هي للعاقل، فإنه أراد بالوصف نحو: عالم وقائم، فإنه يسمى وصفا باصطلاح النحاة فقد دخل ذلك في قولنا: إن «من» يسأل بها عن العارض المشخص على ما سبق.
  (تنبيه): قد يعترض على السكاكى في قوله: يسأل «بما» عن الجنس، فيقال: ما عندك؟ أي: أي الأجناس، فيقال: أي لما يميز أحد المتشاركين عن الآخر في أمر يعمهما، وما على رأى السكاكى سؤال عن الجنس، وكيف يفسر أحدهما بالآخر، وجوابه أن يقال: الأجناس مشتركة في مطلق حقيقة الجنسية، فيسأل بأي عن الجنس، أي تعيين الجنس من بين الأجناس فتأتي بأي لتميز جنسا معينا بين مطلق الجنسية.
يسأل بأي (عما) يميز أحد المتشاركين في أمر يعمهما:
  ص: (ويسأل بما عما يميز أحد المتشاركين في أمر يعمهما نحو: {أَيُّ الْفَرِيقَيْنِ خَيْرٌ مَقاماً}(٢) أي: أنحن أم أصحاب محمد ﷺ؟
  (ش): أي من أسماء الاستفهام، فإذا أريد به الاستفهام يسأل بها عن شئ يميز، أي: يعين، ولو قال: يطلب بها التمييز لصح، وقوله: في أمر يتعلق بالمتشاركين، والمراد أنه يطلب بأي تمييز أحد المتشاركين في أمر من الأمور شامل لهما، سواء كان ذاتيا أم غيره، مثاله: قولك: أي الرجلين أو الرجال عندك؟ فالرجلان مثلا مشتركان في الرجولية، وهو أمر يعمهما، والذي يميز أحدهما هو الوصف الذي يذكره المجيب،
(١) سورة مريم: ٧٣.
(٢) سورة مريم: ٧٣.