عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

(الكناية)

صفحة 212 - الجزء 2

والثانية: المطلوب بها صفة:

  فإن لم يكن الانتقال بواسطة:

  فقريبة واضحة؛ كقولهم - كناية عن طول القامة: طويل نجاده، وطويل النجاد، والأولى ساذجة، وفي الثانية تصريح ما، لتضمّن الصفة الضمير، أو خفية؛ كقولهم - كناية عن الأبله -: عريض القفا.


  الكناية ما تقابل الصريح، والحد والرسم صريحان في المعنى، وكذلك الكنى التي هي أحد أنواع الأعلام صرحوا بأنها كناية، وفيه نظر؛ لأن الكنية علم، والعلم صريح في مسماه، فلا فرق بين دلالة أبى عبد اللّه ودلالة زيد العلمين عليه.

  الكناية (الثانية المطلوب بها) أي المكنى عنه (صفة) وهي قسمان: قريبة، وبعيدة، لأنها إن لم يكن انتقال الذهن من الكناية إلى المكنى عنه بواسطة فهي قريبة، وإلا فبعيدة، والقريبة إما واضحة، أو خفية فالواضحة كقولهم في الكناية عن طويل القامة:

  «طويل نجاده» وذلك كناية ساذجة، وكقولهم: «طويل النجاد» وذلك كناية مشتملة على تصريح ما لتضمن الصفة فيه وهي «طويل» ضمير الموصوف بخلاف المثال قبله، فإن قولك: «طويل نجاده» ليس في لفظ الطويل منه ضمير؛ لأنه مسند إلى الظاهر، ومنها قول الحماسى:

  أبت الروادف والثّدىّ لقمصها ... مسّ البطون وأن تمسّ ظهورا⁣(⁣١)

  والحصة التي لا ينتقل الذهن فيها بواسطة، كقولهم في الكناية عن الأبله: عريض القفا، قال الشاعر:

  عريض القفا ميزانه في شماله⁣(⁣٢)

  فإن عرض القفا، وعظم الرأس إذا أفرطا دليل الغباوة، ولذلك قال طرفة:

  أنا الرّجل الضّرب الّذى تعرفونه ... خشاش كرأس الحيّة المتوقّد⁣(⁣٣)


(١) البيت بديوان الحماسة غير منصوب ج ٣ ص ١٣٩، وفي الطراز ج ١ ص ٤٢٤، شرح شواهد الكشاف ص ٤١١، المصباح ص ١٤٩، والإيضاح ص: ٢٨٧.

(٢) لم أعثر عليه، إلا أن صاحب الإيضاح ذكره مكتفيّا بقوله: «عريض القفا» انظر الإيضاح بتحقيقى ص:

٢٨٧.

(٣) البيت لطرفة بن العبد في ديوانه ص ٣٧، والإيضاح ص ٢٨٧، وبغية الإيضاح ص ١٦٠.