وهي ضربان: معنوى، ولفظي:
اللف والنشر
  ومنه: اللف والنشر؛ وهو ذكر متعدّد على التفصيل أو الإجمال، ثم ما لكلّ واحد من غير تعيين؛ ثقة بأن السامع يردّه إليه.
  فالأول: ضربان؛ لأن النشر إمّا على ترتيب اللف؛ نحو: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ}(١).
  فإنه أراد بضمير الغضا في قوله: «والساكنيه» المكان، وفي قوله: «شبوه» الشجر، والشجر هو أحد معنيى الغضا؛ لأنه معناه الأصلي، أي: أوقدوه، ولك أن تقول: الاستخدام هنا إنما كان بعود ضمير «شبوه» على غير المراد بالغضا، وتوسط ذكر الساكنيه لا أثر له، فالضربان بالحقيقة ضرب واحد لا يختلفان فيما يتعلق بالاستخدام، ولك أن تقول - أيضا -:
  الضمير الثاني لا يعود على الشجر الذي ادعيتم أنه أحد معنيى الغضا، مرادا به الحقيقة، بل يعود على الغضا مرادا به معناه المجازى، وهو نار الشوق، لأنه لا يقال: إن الشوق أحد معنيى الغضا، فليتأمل. وقيل: الاستخدام أن تقع الكلمة المحتملة لمعنيين متوسطة بين لفظين: أحدهما، لمعناها الواحد، والآخر لمعناها الآخر كقوله تعالى: {لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَيُثْبِتُ}(٢) فإن كتاب يحتمل الأمد المحتوم ويحتمل المكتوب، و «أجل» استخدام للمعنى الأول، ويمحو استخدام للثاني.
  اللف والنشر: ص: (ومنه اللف والنشر إلخ).
  (ش): اللف والنشر، عبارة عن ذكر متعدد، سواء كان اثنين أو أكثر، إما مفصلا أو مجملا بأن يشمل ذلك التعدد لفظ عام بالاستغراق، أو الصلاحية، وهذا هو اللف، ثم يذكر ما لكل، أي: ما يختص به كل واحد من ذلك المتعدد، من غير تعيين واحد منها لآخر، وثوقا بأن السامع يرده إليه بقرينة حالية، واشتراط عدم التعيين يشكل عليه ما سيأتي، واشتراط تأخر النشر عن اللف يشكل عليه ما سيأتي - أيضا - فالأول، أي ما كان المتعدد فيه مفصلا قسمان: لأن النشر إما أن يذكر على ترتيب اللف، بأن يجعل الأول للأول، والثاني للثاني على هذا الترتيب، أو لا، مثال الأول، ويسمى اللف والنشر على السنن، وهو أحسن القسمين، كما صرح به التنوخي وغيره قوله تعالى: {وَمِنْ رَحْمَتِهِ جَعَلَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ لِتَسْكُنُوا فِيهِ وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ} فإن
(١) سورة القصص: ٧٣.
(٢) سورة الرعد: ٣٨، ٣٩.