عروس الأفراح في شرح تلخيص المفتاح،

بهاء الدين السبكي (المتوفى: 763 هـ)

فصل [ما ينبغي للمتكلم المتأنق فيه]

صفحة 340 - الجزء 2

فصل [ما ينبغي للمتكلم المتأنق فيه]

  ينبغي للمتكلّم أن يتأنّق في ثلاثة مواضع من كلامه؛ حتى يكون أعذب لفظا، وأحسن سبكا، وأصحّ معنى:

  أحدها: الابتداء؛ كقوله⁣(⁣١) [من الطويل]:

  قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل ... بسقط اللّوى بين الدّخول فحومل

  وكقوله (أشجع)⁣(⁣٢) [من الكامل]:

  قصر عليه تحيّة وسلام ... خلعت عليه جمالها الأيّام


  ما ينبغي للمتكلم المتأنق فيه: ص: (فصل ينبغي للمتكلم إلخ).

  (ش): لا شك أن هذه المواضع الثلاثة هي محط شوق النفوس، فينبغي التأنق فيها، وهو طلب النيقة وهو حسن التدبر، حتى تكون أعذب لفظا، وأحسن سبكا، وأصح معنى. وقوله: (حتى تكون إلخ) ينبغي أن يكون غاية، لا تعليلا، فإن حسن المطلع - مثلا - ليس علة لعذوبة حروفه وكلماته، بل المعنى يتأنق إلى أن تكون هذه المواضع الثلاثة بهذه الصفة.

  (أحدها الابتداء) وهو المطلع، لأنه أول ما يقرع السمع، فإذا كان بهذه المثابة، أقبل السامع على الكلام ووعاه، وإلا أعرض عنه، وإن كان حسنا، وأحسن الابتداءات المختارة، قول امرئ القيس.

  قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل

  قيل: لما سمعه رسول اللّه قال: قاتل اللّه، الملك الضليل وقف واستوقف وبكى واستبكى، وذكر الحبيب ومنزله في مصراع واحد؟! وقوله: أي قول الأشجع في تهنئة البناء:

  قصر عليه تحية وسلام ... خلعت عليه جمالها الأيام⁣(⁣٣)


(١) هو لامرئ القيس، مطلع معلقته، ديوانه ص ٨، والإشارات ص ٣٠٢.

(٢) البيت من قصيدة له يمدح فيها هارون الرشيد.

(٣) البيت للأشجع السلمى، انظر عقود الجمان (٢/ ١٩٢)، والإشارات والتنبيهات ص ٣٢٢.