[حديث «حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» وعدم صحة «إن أبي وأباك في النار»]
[حديث «حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» وعدم صحة «إن أبي وأباك في النار»]
  (ومن ذلك) ما رواه ابن ماجه عن ابن عمر، قال: جاء أعرابي إلى النبي ÷ فقال: إن أبي كان يصل الرحم وكان وكان، فأين؟ قال: «في النار» فكأنه وجد من ذلك، فقال الرجل أين أبوك أنت؟ فقال: «حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» فأسلم الأعرابي، وقال: لقد كلَّفني رسول الله ÷ شططاً، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار(١).
  فأجمل رسول الله ÷ الجواب بقوله: «حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار» جرياً على عادته إذا سأله أعرابي وخاف من إفصاح الجواب له فتنته واضطراب قلبه، أجاب بجواب فيه تورية وإبهام مع تحري الصدق، فهنا لم يفصح له بحقيقة الحال ومخالفة حكم أبيه لأبيه في المحل الذي هو فيه خشية ارتداده، لما جُبِلَتْ عليه النفوس من كراهية الاستئثار عليها، ولما كانت عليه العرب من الجفاء وغلظ القلوب، فأورد له جواباً موهماً تطييباً لقلبه.
(١) رواه ابن ماجه (١٥٧٣) ومعم بن راشد في جامعه (١٠/ ٤٥٤) والبزار (٣/ ٢٩٩) والطبراني في الكبير (١/ ١٤٥) والضياء في المختارة (٣/ ٢٠٤) وغيرهم، وقال الهيثمي في «مجمع الزوائد» (١/ ١١٨): «رواه البزار والطبراني في الكبير .... ورجاله رجال الصحيح».
وقد بينت في «صحيح شرح العقيدة الطحاوية» ص (٨٦) أن الرواية الأخرى لهذا الحديث التي في صحيح مسلم والتي فيها: «إن أبي وأباك في النار» شاذة مردودة لا تثبت ونص على ذلك شيخنا السيد الشريف عبدالله ابن الصديق أعلى الله درجته ورحمه وتغمده برضوانه في كتابه الفذ «الفوائد المقصودة في بيان الأحاديث الشاذة المردودة».