أسنى المطالب في نجاة أبي طالب،

أحمد بن زيني دحلان (المتوفى: 1304 هـ)

هذا السؤال رفع في إمارة سيدنا ومولانا الشريف عبد المطلب ¦ رحمة الأبرار سنة 1299 هـ

صفحة 146 - الجزء 1

  ولما حضرت الوفاة أبا طالب جمع أشراف قريش وأوصاهم بوصية تدل على كمال محبته للنبي ÷ ومعرفته صدقه، فقال:

  (يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه، وقلب العرب، فيكم السيد المطاع، وفيكم المقدام الشجاع، والواسع الباع، واعلموا أنكم لم تتركوا للعرب في المآثر نصيباً إلا أحرزتموه، ولا شرفاً إلا أدركتموه، فلكم بذلك على الناس الفضيلة، ولهم به إليكم الوسيلة، والناس لكم حرب، وعلى حربكم ألب، وإني أوصيكم بتعظيم هذه البنية، يعني: الكعبة، فإن فيها مرضاة للرب، وقواماً للمعاش، وثباتاً للوطأة، وصلوا أرحامكم، فإن في صلة الرحم منسأة، أي: فسحة في الأجل، وزيادة في العدد، واتركوا البغي والعقوق، ففيها هلكت القرون قبلكم، أجيبوا الداعي وأعطوا السائل، فإن فيها شرف الحياة والممات، وعليكم بصدق الحديث وأداء الأمانة، فإن فيها محبة في الخاص، مكرمة في العام، وأوصيكم بمحمد خيراً، فإنه الأمين في قريش، والصديق في العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيتكم به، وقد جاء بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأنني أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته وصدقوا كلمته وعظموا أمره، فخاض بهم غمرات الموت فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذناباً، ودورها خراباً وضعفاؤها أرباباً، وإذ أعظمهم عليه أحوجهم إليه، وأبعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأعطته قيادها، يا معشر قريش كونوا له ولاة ولحزبه حماة).