أسنى المطالب في نجاة أبي طالب،

أحمد بن زيني دحلان (المتوفى: 1304 هـ)

[أحاديث من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة وضوابط ذلك]

صفحة 38 - الجزء 1

  وروى البخاري ومسلم عثمان بن عفان أن رسول الله ÷ قال: «من مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة»⁣(⁣١).

  وروى الطبراني عن سلمة بن نعيم الأشجعي ¥ قال: قال رسول الله ÷: «من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة».


= القلوص قال: «فحدثت بهذا أحد ولد عبد الملك بن مروان فقال لكاتبه اكتبه».

أقول: الظاهر صحة الحديث لكن بقيد محذوف من نص هذه الرواية وهي بإسناد صحيح في مسند أحمد (٤/ ١٦) وغيره من حديث رفاعة الجهني مرفوعاً: «لا يموت عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله صدقاً من قلبه ثم يسدد إلا سلك في الجنة».

فالأحاديث الواردة في موضوع (من شهد أن لا إله إلا الله دخل الجنة) مقيدة بقيدين: الأول: أن يقولها صادقاً من قلبه أي مخلصاً فيها، والثاني: أن يسدد أي يعمل بمقتضاها فيقوم بالفروض ويجتنب الكبائر.

قال صاحب القاموس في مادة (سدد): «سدده تسديداً: قوَّمه، ووفقه للسداد، أي: الصواب من القول والعمل»، ويؤيد هذا أنه لم يرد في القرآن الكريم الإيمان إلا مع العمل في مثل قوله تعالى {آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} وقال تعالى مبيناً ذلك كله: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا إِلَى رَبِّهِمْ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ٢٣}⁣[هود]، والآيات في ذلك عديدة، والله تعالى أعلم.

(١) لم يروه البخاري وإنما رواه مسلم (٢٦) وغيره، وهذه الزيادة (وهو يعلم) مأخوذ بها وليست من زيادات الرواة بل من محذوفات الرواة نفاقاً أو خوفاً من خلفاء بني أمية. فقد كانوا يشجعون مذهب (من قال لا إله إلا الله دخل الجنة) بدون شروط العمل وغيره المذكورة في القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.