أسنى المطالب في نجاة أبي طالب،

أحمد بن زيني دحلان (المتوفى: 1304 هـ)

[تخريج حديث: «إن عملك الشيخ الضال قد مات» وبيان عدم ثبوت «الضال»]

صفحة 87 - الجزء 1

  اعتبر بما يؤدي التوحيد فقد مرَّ أنه نطق بالوحدانية وبحقيقة الرسالة وتصديق النبي ÷ في أشعاره⁣(⁣١)، وإنما طلب النبي ÷ ذلك منه عند وفاته ليحوز إيمان الوفاة وإن لم يعتد به عند الموت، فتكون تلك القرائن دالة على أنه كان مصدقاً بقلبه، وإنما امتنع من النطق به خشية أن ينسبوه إلى الجزع من الموت، والخوف من الموت عندهم عار، وقد كانوا عريقين في السيادة والمفاخرة بحيث لا يرضون أن ينسب إليهم أقل قليل مما يخالفهم، فلا يبعد أن يكون ذلك عندهم عظيماً، وذلك عذر، وهذا بحسب ظاهر الأمر، وأما في باطن الأمر فالسبب الحقيقي في عدم نطقه بحضور القوم المبالغة في المحافظة على حماية النبي ÷ ونصرته لعلمه بأنه إذا نطق بذلك وعلموا أنه اتبع النبي ÷ لم يعتدوا بحمايته وجاهه عندهم بل يخفرون ذمته وينتهكون حرمته ويبالغون في إيذاء النبي ÷.

  وقد كان أبو طالب حريصاً على أن يكون أمر النبي ÷ في دعوته الخلق إلى الله تعالى باقياً بعد موته فلذلك كان محافظاً على بقاء حرمته في قلوب قريش فلو نطق بالشهادتين وعلموا ذلك منه فإنه يفوت غرضه من كمال النصرة والحماية.


(١) الشعر ديوان العرب وثبوت الإيمان عنه في شعره أقوى من تلك الأحاديث المروية في الصحاح التي تلاعب بها النواصب فزادوا فيها ونقصوا!