أسنى المطالب في نجاة أبي طالب،

أحمد بن زيني دحلان (المتوفى: 1304 هـ)

[كلام البرزنجي في الآيات التي زعموا أنها نزلت في أبي طالب ¥]

صفحة 92 - الجزء 1

  نعم إن أرادوا الكفار في ظاهر الشرع رجع الخلاف لفظياً، ولو لم تحمل الكلام على هذا التحقيق يلزمهم أيضاً أن قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ}⁣[النساء: ٤٨] مخصوص بغير أبي طالب ولا قائل به.

[كلام البرزنجي في الآيات التي زعموا أنها نزلت في أبي طالب ¥]

  وقد تكلَّم البرزنجي على الآيات التي في القرآن التي قيل إنها نزلت في أبي طالب كقوله تعالى: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ ١١٣}⁣[التوبة] ( ١ فقال: إني تتبعت الأحاديث الواردة في سبب نزولها فوجدتها منقسمة إلى ثلاثة أوجه:


(١) اعترف الحافظ ابن حجر في «الفتح» (٧/ ١٩٥) أن في نزولها في أبي طالب نظر، وهذا طعن صريح في حديث ابن المسيب عن أبيه في رواية قصة موت أبي طالب في صحيح البخاري (٣٨٨٤).

وذكر في «الفتح» (٨/ ٥٠٨) أنها نزلت في عمه وقال: «هذا فيه إشكال، لأن وفاة أبي طالب كانت بمكة قبل الهجرة اتفاقاً، وقد ثبت أن النبي ÷ أتى قبر أمه لما اعتمر فاستأذن ربه أن يستغفر لها فنزلت هذه الآية، والأصل عدم تكرر النزول».

أقول: وقوله هنا (ثبت) أنها نزلت لما أتى قبر أمه. باطل مردود لا سيما وهي من أهل الفترة.

وجاء في مسند أحمد (١/ ٩٩ و ١٣٠) كما أقر بذلك الحافظ في «الفتح» (٨/ ٥٠٨) عن سيدنا علي # قال: سمعت رجلا يستغفر لوالديه وهما مشركان فذكرت ذلك للنبي ÷ فأنزل الله {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ} الآية [التوبة: ١١٣]. وهذا حديث صحيح الإسناد وعبد الله بن الخليل الراوي عن سيدنا علي # وثقه الذهبي في «الكاشف»، وابن حبان في ثقاته (٥/ ٢٩) وقال: «روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأهل الكوفة»، وقد روى هذا الحديث الترمذي (٣١٠١) وحسنه. =