من دعائه # إذا اعترف بالتقصير عن تأدية الشكر
  وَأَعْظَمْتَ عَنْهُ جَزَاءَهُمْ أَمْرٌ مَلَكُوا اسْتِطَاعَةَ الاِمْتِنَاعِ مِنْهُ دُونَكَ فَكَافَيْتَهُمْ، أَوْ لَمْ يَكُنْ سَبَبُهُ بِيَدِكَ فَجَازَيْتَهُمْ، بَلْ مَلَكْتَ - يَا إِلَهِي - أَمْرَهُمْ قَبْلَ أَنْ يَمْلِكُوا عِبَادَتَكَ، وَأَعْدَدْتَ ثَوَابَهُمْ قَبْلَ أَنْ يُفِيضُوا(١) فِي طَاعَتِكَ.
  وَذَلِكَ أَنَّ سُنَّتَكَ(٢) الْإِفْضَالُ، وَعَادَتَكَ الْإِحْسَانُ، وَسَبِيلَكَ الْعَفْوُ؛ فَكُلُّ الْبَرِيِّةِ مُعْتَرِفَةٌ بِإِنَّكَ غَيْرُ ظَالِمٍ لِمَنْ عَاقَبْتَ، وَشَاهِدَةٌ بِإِنَّكَ مُتَفَضِّلٌ عَلَى مَنْ عَافَيْتَ، وَكُلٌّ مُقِرٌّ عَلَى نَفْسِهِ بِالتَّقْصِيْرِ عَمَّا اسْتَوْجَبْتَ.
  فَلَوْلاَ أَنَّ الشَّيْطَانَ يَخْتَدِعُهُمْ(٣) عَنْ طَاعَتِكَ مَا عَصَاكَ عَاصٍ، وَلَوْلاَ أَنَّهُ صَوَّرَ لَهُمُ البَاطِلَ فِي مِثَالِ الْحَقِّ مَا ضَلَّ عَنْ طَرِيْقِكَ ضَالٌّ. فَسُبْحَانَكَ! مَا أَبْيَنَ كَرَمَكَ فِي مُعَامَلَةِ مَنْ أَطَاعَكَ أَوْ عَصَاكَ! تَشْكُرُ لِلْمُطِيْعِ مَا أَنْتَ تَوَلَّيْتَهُ لَهُ، وَتُمْلِي لِلْعَاصِي فِيْمَا تَمْلِكُ مُعَاجَلَتَهُ فِيْهِ؛ أَعْطَيْتَ كُلاًّ مِنْهُمَا مَا لَمْ يَجِبْ
(١) يفيضوا: يدخلوا.
(٢) سنتك: طريقتك.
(٣) يختدعهم: يخدعهم ويغشهم.