الأمالي الصغرى للمؤيد بالله،

المؤيد بالله أحمد بن الحسين الهاروني (المتوفى: 411 هـ)

صفاته النفسية والخلقية

صفحة 18 - الجزء 1

  - وعظ مرة أبا الحسين بن أبي الفضل الداعي إلى الحق فقال له: أيها السيد ومن يقدر أن يفعل ما تقول؟ فأخذ المؤيد بالله بأصبعه وجلدة ساعده وقال: من يعلم أن هذا لا يقوى على النار يقدر عليه وعلى أزيد منه.

  - واستصحبه أبوه يوماً لزيارة الشريف أبي الحسين يحيى بن الحسن الحسيني الزاهد، فلما دخل عليه رحب به وخطب إليه ابنته المسماة ب «الحسناء» فأسعفه وزوجه في الحال، فلما زفت بقيت في الصلاة ليال متوالية. قال المؤيد بالله (ع): وانا استحي أن أعترض لها وساعدتها في العبادة، فلم أر ازهد منها ولا أستر فعاشرتها سنين ثم مضت إلى رحمة الله في شبابها.

  - الف في شبابه كتاب سياسة المريدين في ترويض النفس على التقوى، ولنقتطف منه فقرات موجزة لندرك أي واعظ متعظ هو، قال # في باب ما يستعان به على التوبة: «اعلم علمك الله الخير أن من أراد أن يحصل لنفسه منزلة التائبين فيجب أن يملأ قلبه خوفاً وخشية، لأن التوبة لا تكاد تتم وإن تمت لم تصف ولم تدم ما لم يصحبها الخوف والخشية» إلى قوله #: «واعلم أن الخوف للتوبة بمنزلة الأساس للأبنية، فكما أن الأبنية إذا لم تكن مبنية على أساس متين لم تستقم، ولم يطل لبثها، كذلك التوبة إذا لم تبن على الخوف والخشية لم تستقم ولم يطل لبثها، ولهذا كثير من المتكلمين بنو أمر الخواطر التي ترد على المكلف في أول أمره على الخوف.

  واعلم أن أكثر الأشياء دواعي وأقربها بواعث على الغرض المقصود في هذا الباب هو الاستكثار من ذكر الموت، وإشعار النفس أسباب الفوت، والأحوال التي تكون عند الموت وبعد الموت، من البلاء في القبر، وأحوال النشور والبعث، وأحوال أهل الجنة والنار، والاستدامة لتصورها وتمكين ذكرها من النفس، حتى ينكسر مرحها، ويخف أشرها، وتكثير إيرادها على القلب حتى تغمره وتستولي عليه، ومن أحس من قلبه بالقساوة وقلة التنبه فليتصور أحواله عند الغرغرة والنزع وعند مفارقة الروح للجسد، وكيف يبقى بين أهله طريحا